على صوت آلات الناي وقرع الطبول، يجوب جمع من السكان الفرحين شوارع مدينة "ولاته" القديمة الواقعة في جنوب شرق موريتانيا، احتفالا بماضيها المجيد.
إعلان
ويتخلل هذا المهرجان مسابقات في الشعر وسباقات جِمال ومعارض صور ومؤتمرات ثقافية، وهو يقام منذ أسبوع في المدينة المدرجة منذ أكثر من عشرين عاما على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.
على مدخل ولاته الواقعة على بعد نحو مئة كيلومتر من الحدود مع مالي، يستقبل خمسون بدويا على ظهر الجمال الزوار الآتين من مختلف أصقاع هذا البلد، للمشاركة في هذا الاحتفال.
ويقول الكاتب مبارك ولد بيروك، وهو المستشار الثقافي للرئيس محمد ولد عبد العزيز "أنا أحب المدن القديمة في الصحراء كثيرا، ومنها استلهم كثيرا".
ويضيف "نحن لا ننظر إلى هذه الرمال على أنها صحراء متشابهة، فكلّ تلّة لها اسم تُعرف به".
انطلق هذا المهرجان في العام 2011، وهو يحتفي إضافة إلى مدينة ولاته، بثلاث مدن أخرى في الصحراء، هي شنقيط ووادان وتيشيت.
ويقول محمد عدنان بيروك مدير المهرجان "هذه المدن هي تاريخنا وهويتنا المشتركة، لكنها معزولة عن العالم".
ويضيف "يتيح لها هذا المهرجان أن تخرج من النسيان وأن تنشّط اقتصادها المحلي".
على ضفاف بحيرة لا تبعد كثيرا عن مضرب خيام تتجلّى فيها المهارة الحرفية المحلية، يُريح شباب من البدو جِمالهم قبل مواصلة رحلتهم التجارية إلى أسواق مالي المجاورة.
تأسست مدينه ولاتة في القرن السابع، وشكّلت لوقت طويل محطّة للقوافل العابرة للصحراء الكبرى، وعُرفت بإشعاع ثقافي بلغ ذروته في القرن التاسع.
لكن مدينة تمبكتو الواقعة على الجانب الآخر من الحدود خطفت منها الضوء شيئا فشيئا.
في الثمانينيات من القرن العشرين اكتسبت المدينة شهرة من حيث لا يحبّ سكانها، فقد صارت قلعتها الأثرية معتقلا للسجناء السياسيين في موريتانيا.
مناطق حمراء
بين العامين 2005 و2011، ألقت موجة الهجمات التي طالت موريتانيا بظلالها على هذه المدينة.
ويقول محمد محمود ني، وهو مدير مكتب السياحة المحلي "قبل عشر سنوات، كانت ولاته مدينة شبه مهجورة، بسبب النموّ الكارثي للإرهاب ونشاط العصابات في المنطقة الحدودية".
ويضيف "لكن حدودنا اليوم صارت آمنة" ما يعطي أملا بأن تعود السياحة لهذه المنطقة الجامعة للثقافات العربية والبربرية والإفريقية.
وحظيت ولاته بشهرة كبيرة حين صوّر فيها فيلم "تمبكتو" للمخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو الذي حصل على جائزة سيزار الفرنسية لأفضل فيلم العام 2015.
لكن هذه الشهرة لم تجلب إليها الكثير من السياح الأجانب.
فالاضطرابات في المنطقة لا تشجّع الأجانب على خوض مغامرة كهذه، وقد خفّفت وزارة الخارجية الفرنسية في ربيع العام الماضي القيود على السفر إلى مناطق صنّفتها "مناطق حمراء".
ونتيجة لهذا الوضع، لا يزيد عدد السياح في موريتانيا عن 1500 سنويا، وهي تأمل بزيادة هذا العدد ثلاثة أضعاف.
لكن ولاته ما زالت من المناطق التي لا تنصح فرنسا رعاياها بها.
وقال الرئيس الموريتاني في افتتاح المهرجان "آمل من وزارة الخارجية الفرنسية أن تعيد النظر بتصنيف المناطق الحمراء في موريتانيا، نحن نبذل جهودا كبيرة منذ سنوات لبسط الأمن"
doualiya.com/art