شكل معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، محطة هامة في برنامج الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس، وكان البابا رفقة الملك محمد السادس وولي العهد الأمير مولاي الحسن والأمير مولاي رشيد على موعد مع حفل موسيقي يترجم سياسة المغرب لمحاربة التطرف.
وقدمت الأوركسترا الفيلهارمونية المغربية أمام الملك، ورئيس الكنيسة الكاثوليكية، مقاطع موسيقى مميزة، تترجم موسيقى التعايش، قبل أن يطل منشد لأداء مقاطع من الأذان باللغة العربية، فيما تكلفت منشدتان بأداء مقاطع من الدعاء اليهودي وأخرى مسيحية.
وفي كلمة ألقاها أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وجه رسائل واضحة لكل من يهمه الأمر، مؤكدا أن الملك محمد السادس، سهر على حماية الدين، وأمر منذ اعتلائه العرش، بمباشرة سلسلة من الإصلاحات المهيكلة لتدبير هذا الشأن، وبإدخال حيوية قائمة على التوافق بين الصيغ المؤسساتية الحديثة في التدبير وبين مقاصد الدين في مختلف الجوانب.
وأفاد التوفيق في كلمته أن “إمارة المؤمنين، تجد حلا لكثير من الإشكاليات التي قد يشكو منها تدبير الدين في جهات أخرى، ومنها إشكالية حضور الدين في الدولة، وحمايته، وعلاقته بالسياسة، وبالحركات المسماة بالإسلامية، وبتطبيق الشريعة، وبالتيارات المتشددة، وبالحريات، وبالقيم الكونية، وبالتعليم الديني، وأخيرا مسألة العلاقة بالعلماء”.
وشدد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية على أن المغرب “يعمل بالمبدأ القرآني أن لا إكراه في الدين، وهكذا فممارسة الحريات في الفضاء العمومي يضبطها القانون، أما على الصعيد الفردي، وهو صعيد يهم الدين كذلك، فلا هادي للسلوك فيه ولا عاصم من الهلاك، إلا بشعور يحاسب النفس وتغمره الأخلاق الروحانية”، على حد تعبير أحمد التوفيق.
وتخلل الحفل إعطاء الكلمة لطالبة مرشدة من نيجيريا، للحديث عن تجربتها داخل المعهد، مشيرة إلى أنه بفضل مبادرة الملك محمد السادس المتعلقة بتأسيس المعهد لتعليم شباب إفريقيا الإسلام السني المبني على الثوابت المشتركة بين بلداننا، في إطار محاربة التطرف، دخلت في سيرورة تعلم ونمو فكري وتحول نفسي.
وأضافت الطالبة في كلمتها أمام الملك وضيفه الكبير، أنها في الوقت الذي ستتخرج فيه من المعهد، ستكون لها القدرة على الحجاج والإقناع، وستكرس كل وقتها وجهدها لتنمية الشعور بحكمة السلم، وبأن الدين ينبذ العنف ويكرهه، قبل أن تضيف “سأسخر معارفي وتجاربي لإظهار قيم التسامح ونشر المحبة بين المسلمين في ما بينهم، وفي ما بينهم وبين المسيحيين وغيرهم من أهل العقائد والطوائف الأخرى”.
تجربة رائدة
قال طالب فرنسي من أصل مغاربي، في شهادة مماثلة، إن المجتمع المسلم الفرنسي في حاجة ماسة للأئمة والمرشدات لترسيخ القيم الدينية التي تحث على مبدأ التعايش والسلام الروحي داخل المجتمع.
وأبرز أن التحاقه بالمعهد مكنه من تحصيل تكوين علمي في العلوم الشرعية التقليدية ومعارف ضرورية تتصل بالعلوم الإسلامية الحديثة، تستمد روحها من ثوابت تعتبر الحياة الواقعية وتؤمن بالثقافة وتقبل التنوع، وعقيدة قائمة على الوسطية والاعتدال.
إيمان رضيف
assabah.ma/