لم يتخيل يوما الممثل الكوميدي الأوكراني "فلاديمير زيلينسكي" الذي جسد شخصية رئيس الجمهورية في المسلسل التلفزيوني الكوميدي "خادم الشعب" أن يتحقق الأمر على أرض الواقع.
"الولاية الرئاسية من خمس سنوات ليست مسرحية هزلية يمكننا تجاوزها إذا لم تكن مضحكة، وليست أيضا فيلم رعب يسهل إيقافه"، هكذا علّق الرئيس الأوكراني المنتهية ولايته بيترو بوروشينكو على حملة فلاديمير زيلينسكي أحد مرشحي اللحظات الأخيرة قبل انطلاق الحملة الانتخابية للدور الثاني من رئاسيات أوكرانيا.
"أريد أن أذكّر الجميع أن الأمر لا يتعلّق بمزحة، إنها انتخابات تتعلق بمنصب القائد الأعلى"، يضيف بوروشينكو الذي لم يتوقع يوما خروج الممثل الشهير من الشاشة ليأخذ منه منصبه.
مسلسل واقعي جدا:
مسلسل تلفزيوني كوميدي ترفيهي عنوانه "خادم الشعب"، تحوّل إلى حزب سياسي ينقل الملايين من مشاهديه المأخوذين بسحر الفرجة من غرف معيشتهم التي كانوا يشاهدونه فيها، إلى مكاتب التصويت، ليحملوا بطل المسلسل من تمثيل دور الرئيس إلى القابض الأول بزمام السلطة في البلاد.
تلك ليست رواية متخيلة مستوحاة من الإرث الأدبي الزاخر لروسيا وأوروبا الشرقية، بل حقيقة ما وقع في الدولة العازلة بين الشرق والغرب، أوكرانيا التي انتخبت يوم 21 أبريل/نيسان 2019 الممثل الكوميدي فلاديمير زيلينسكي رئيسا جديدا للبلاد.
شاب في بداية الأربعينيات من العمر، يشبه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الملامح والفئة العمرية والصعود المفاجئ إلى سدة الحكم، لكنه يختلف عنه في أسلوب الصعود. "نعم أشعر أن هناك بعض التشابه بيني وبين ماكرون.. ليس من حيث المظهر فقط، بل في طريقة تصورنا للعالم"، كما قال رئيس أوكرانيا الجديد لمجموعة من الصحفيين خلال حملته الانتخابية.
زيلينسكي لم يكن في حاجة إلى حركة "إلى الأمام" أو "إلى الخلف"، ولا هو عبّأ الشباب والحالمين بعالم جديد ليطوفوا الأحياء ويطرقوا أبواب الأسر لتبشيرهم بحزب جديد، كما فعلت حركة ماكرون في فرنسا.
زيلينسيكي اعتمد في الحقيقة على مبعوث خاص طاف بصورته جميع البيوت الأوكرانية وسكن فيها وجالس أهلها أثناء تناولهم وجبات العشاء ودغدغ خيالهم بسيناريو شديد الحبكة لأستاذ بسيط يدرّس في إحدى المؤسسات الثانوية، تمكّن رغم بساطته وتواضع انحداره الاجتماعي، من الوصول إلى منصب رئيس البلاد.
التلفزيون والشبكات الاجتماعية:
هكذا ودون حاجة إلى حزب أحمر أو حركة اجتماعية صفراء أو ثورة برتقالية، خاض فلاديمير زيلينسكي حملته الانتخابية دون دعاية أو تجمعات. وحده سِحْر المسلسل التلفزيوني الفكاهي ومفعول الشبكات الاجتماعية القادرة على الوصول إلى ملايين الهواتف المحمولة؛ مكّن هذا الممثل من إزاحة رئيس جاءت به ثورة شعبية إلى الحكم هو الرئيس المنتهية ولايته بيترو بوروشينكو.
لم يكن بوروشينكو إلى غاية شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، يتصوّر أنه سيخسر أمام ممثل كوميدي، وهو رجل الأعمال الناجح والمتخرج من كلية الاقتصاد وأحد أكثر رجال السياسة شعبية في أوكرانيا منذ التسعينيات، وفوق كل ذلك جاء إلى السلطة محمولا فوق أمواج الثورة البرتقالية التي عرفتها أوكرانيا عام 2004، والتي كان هدفها الرئيسي الخروج من تحت العباءة الروسية والدخول في تحالف مع الغرب.
الرئيس الجديد لأوكرانيا لم يفاجئ خصمه فقط، بل حتى أقرب الناس إليه. ""كنتُ أعلم أنه ينوي الترشح، لكنني لم أعرف أنه سيُقْدم على إعلان ترشحه ليلة رأس السنة. كنا نتزلج في فرنسا، استقبلنا السنة الجديدة بهدوء، شربنا الشمبانيا وأوينا إلى الفراش. في الصباح استيقظت على وقع صخب الشبكات الاجتماعية تفاعلا مع ترشحه.. فوجئت للغاية، وحين سألته قال لي: لقد نسيت أن أخبرك". هكذا روت زوجة الرئيس الجديد ما وقع ليلة رأس العام للنسخة الأوكرانية من موقع شبكة "بي بي سي".
يشترك بوروشينكو مع فلاديمير زيلينسكي في اشتغالهما معا في مجال التلفزيون، فالرئيس المنتهية ولايته يملك قناة تلفزيونية، كما يعتبر واحدا من أكبر مصنّعي الحلويات في أوكرانيا، وهو ما جعلهم يلقبونه بملك الشوكولاتة. لكن زيلينسكي تفوّق في الدورين الأول والثاني بسهولة كبيرة لأنه كان البطل في مسلسل "خادم الشعب".
أصبح المسلسل التلفزيوني الكوميدي "خادم الشعب" بمثابة حزب سياسي نقل الملايين من مشاهديه المأخوذين بسحر الفرجة من غرف معيشتهم التي كانوا يشاهدونه فيها، إلى مكاتب التصويت
صديق الشرق والغرب:
وعلى عكس سلفه، تجنّب زيلينسكي تقديم أية وعود سياسية أو مواقف مع الشرق أو الغرب، فالرجل يبدو حريصا على الاحتفاظ بعلاقته مع الشعب داخل دائرة السحر الذي خلّفه مسلسله التلفزيوني الناجح.
اقتات زيلينسكي في المقابل على الكم الهائل من الاستياء الذي خلّفته وعود بوروشينكو الكبيرة عقب الثورة البرتقالية، والتي شاهدها الأوكرانيون وهي تتبخر مع مرّ السنين. "نحن نتاج أخطائكم"، هكذا قال زيلينسكي في المناظرة الوحيدة التي جمعه بالرئيس بوروشنكو.
وفي المرة الوحيدة التي تطرق فيها إلى ملفات السياسة الحارقة، قال زيلينسكي إنه سيحتفظ بالتوجه الغربي لبلاده، لكنه لن يقدم على خطوة مثل الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلا بعد إجرائه استفتاء، فالرجل يبدو حريصا على شعبيته الفنية والتلفزيونية.
الوعود السياسية الشحيحة للرئيس الأوكراني الجديد تمد خيوطها إلى الشرق كما الغرب، فهو يضع على رأس أولوياته استعادة نحو 170 من أفراد الجيش الأوكراني الذين أسرتهم روسيا أو الموالون لها في الشرق الأوكراني. وبجدية غير معهودة فيه، يَعد الممثل الكوميدي بفتح مفاوضات مباشرة مع روسيا لإيقاف الحرب الطاحنة التي دخلتها بلاده مع الانفصاليين المدعومين من موسكو في شرق البلاد إثر الثورة البرتقالية التي أطاحت بالحكومة الموالية للشرق.
تحول بطل المسلسل من تمثيل دور الرئيس إلى القابض الأول بزمام السلطة في البلاد
ريغان الشرق:
الرجل الذي أضحك الأوكرانيين وسحرهم بتمثيله دور الرئيس قبل أن يترشح له في الواقع، بات يتقلد زمام دولة هي ثاني أكبر اقتصاد في الشرق الأوروبي بعد روسيا، والمصدر الذي يستمد منه الاتحاد السوفياتي النشاط الضروري لإنعاش اقتصاده.
زيلينسكي هو ثاني أشهر حالة انتقال شخصية من عالم الفن والتمثيل إلى الحكم بعد الرئيس الأمريكي رونالد ريغان. فريغان كان قد حمل مفاتيح البيت الأبيض بين عامي 1981 و1989 قادما من تجربة فنية في أستوديوهات هوليود. لكن هناك فارقا كبيرا بين الرجلين، ذلك أن ريغان احتاج إلى قضاء عشر سنوات في السياسة -كحاكم لولاية كاليفورنيا- قبل أن يترشح لانتخابات الرئاسة باسم الحزب الجمهوري ويهزم المرشح الديمقراطي المخضرم جيمي كارتر.
أما زيلينسكي الذي ولد في 25 يناير/كانون الثاني 1978 بمنطقة تقع وسط أوكرانيا، فقد حقّق في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية اكتساحا غير مسبوق بحصوله على أكثر من 73% من الأصوات، بينما اكتفى الرئيس المنتهية ولايته بنسبة لا تتجاوز 25%.
زيلينسكي الذي ولد في 25 يناير/كانون الثاني 1978 بمنطقة تقع وسط أوكرانيا، فقد حقّق في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية اكتساحا غير مسبوق.
محام فوق الخشبة:
كل ما يقدّمه الرئيس الأوكراني الجديد في سيرته الشخصية للدلالة على أهليته لتولي منصب الرئاسة، هو حصوله على شهادة جامعية في القانون من جامعة كييف للاقتصاد، دون أن يمارس بالفعل مهنة المحاماة التي أهله تكوينه للالتحاق بصفوفها. الشاب المتخرج من واحدة من جامعات الشعب البراقة في، فضل مساره الفني بعد فوزه في إحدى المسابقات الفنية التلفزيونية، كما لو أنه استشعر أن حظ حياته لن يأتيه إلا عبر التلفزيون.
عدا ذلك يحفل مسار رجل كييف الأول الجديد بخطوات عملاقة في مجال الفن والتمثيل، حيث كان قد بدأ ممارسته للفن المسرحي داخل الجامعة، ليبرز منتصف التسعينيات كقائد لفرقة مسرحية ترفيهية راقصة باتت عروضها تُنقل عبر أحد أكثر البرامج التلفزيونية شعبية في أوكرانيا.
وهو نجاح استثمره زيلينسكي في بداية الألفية بتوليه إدارة شركة مختصة في إنتاج المضامين الترفيهية لحساب القنوات التلفزيونية، وهي السنة نفسها التي شهدت زواجه من زميلته السابقة في الدراسة الثانوية إيلينا كياشكو.
زوجة شفافة:
هذه الشابة التي أصبحت تُعتبر السيدة الأولى في أوكرانيا، قالت لمبعوث شبكة التلفزيون البريطاني "بي بي سي" عقب فوز زوجها بالدور الأول للانتخابات، إنها تخاف من السياسة، وتتمنى لو تستطيع مواصلة حياتها بشكل طبيعي إذا فاز زيلينسكي بالرئاسة. وهي حياة وصفها مبعوث "بي بي سي" بأنها تتمثل في انتقال زميلة دراسة الرئيس وزوجته التي منحته ابنا وابنة، في توجهها يوميا إلى الأستوديو لمتابعة العمل على المسلسلات والإنتاجات التلفزيونية.
تتقاسم إيلينا كياشكو مع فلاديمير زيلينسكي كل شيء، فرغم تأهيلها العلمي ومهنتها كمهندسة، فإنها تخلت عن مسارها المهني الخاص وقاسمت زوجها عمله الفني. ولا يقتصر الزوجان الشابان على ذلك، بل يُمضيان جل أوقاتهما معا، بما في ذلك ممارسة الرياضة، وخاصة ركوب الدراجة، كما يذهبان معا إلى صالة الرياضة.
عندما سألت "بي بي سي" زوجة الرئيس الأوكراني الجديد عن الشخصية التي ترى أنها أقرب إليها، ميلاني ترامب زوجة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، أم ميشيل أوباما زوجة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، قالت دون تردد إنها ميشيل. "فهي تبدو لي أكثر إنسانية، وهذا بالتحديد ما يحاول فلاديمير إدخاله في السياسة الأوكرانية".
تستعين أسرة زيلينسكي بمساعدة العائلة، أو زوجته تحديدا، إلى جانب مربية لرعاية طفليهما. أما عن اختياراته الغذائية، فالرئيس الأوكراني الجديد يحب اللحوم والأسماك والسلَطة. "إنه ليس متقلبا.. يحب كل شيء وسهل الإرضاء".
لم يدرس زيلينسكي مع إيلينا في الفصل الدراسي نفسه، بل جمعتهما المدرسة الثانوية نفسها فقط. وبما أنهما سكنا في المنطقة نفسها، فإن لقاءاتهما كانت متكررة لكنها عابرة. "إنه شخص صريح للغاية، إذا كانت لديه مشاعر معينة فإنها يظهرها بشكل شفاف، وبالنسبة لفتاة في سن الـ18، فإنه أمر رائع أن تشعر بكونها محبوبة، لم أكن مستعدة لأية علاقة، لكنها نجح في ذلك".
انطلاقة الرئيس الأوكراني الجديد الكبيرة كانت بشروعه في إنتاج وتقديم مسلسلات تلفزيونية اجتماعية مسلية
"ممثل الشعب":
انطلاقة الرئيس الأوكراني الجديد الكبيرة كانت بشروعه في إنتاج وتقديم مسلسلات تلفزيونية اجتماعية مسلية تتناول المواضيع السياسية بشكل كوميدي. آخر هذه المسلسلات وأكثرها تأثيرا في مسار زيلينسكي الفني (والسياسي) هو مسلسل "خادم الشعب" الذي انطلق بثه عام 2015، وهنا اكتشف الأوكرانيون رئيسهم الجديد، في دور أستاذ يدرّس مادة التاريخ، يتسلّق السلم الاجتماعي تدريجيا ليصبح رئيسا للبلاد، وهو المسلسل الذي بلغ موسمه الثالث في 2018.
هزم الرئيسَ والمعارضة:
ومثلما تحوّلت الانتخابات الرئاسية كواحدة من الحلقات المثيرة لمسلسله التلفزيوني، حوّل زيلينسكي مقر حملته الانتخابية مساء الأحد 21 أبريل/نيسان 2019 إلى ما يشبه علبة ليلية صاخبة بصوت الموسيقى وقرع الكؤوس وإطلاق "نافورات" المشروبات الكحولية. كل ذلك تم على أساس استطلاعات للرأي أجريت خارج مكاتب الاقتراع، كانت نتيجته لم تكن تدع مجالا للشك في أن الممثل الكوميدي حاز أكثر من 70% من الأصوات.
إذا كان العالم لم ينتبه إلى ما وقع في أوكرانيا في انتخاباتها الأخيرة إلا عشية يوم الدور الثاني، فإن المفاجأة الأولى كانت في الدور الأول الذي جرى يوم 31 مارس/آذار 2019.
حينها كان الجميع ينتظر تأهلا منطقيا لكل من الرئيس المنتهية ولايته بوروشينكو، وزعيمة المعارضة والوزيرة الأولى السابقة لوليا تيموشنكو المعروفة بخطابها الشعبوي والمثير للمشاعر. لكن زيلينسكي حلّ أولا بأكثر من 30% من الأصوات، متبوعا بالرئيس الحالي، فيما أقصيت المُعارضة المشاكسة من السباق.
ينتمي رئيس أوكرانيا الجديد إلى عائلة من أثرياء مجال الأعمال
خيال صنع الواقع:
هل هي مجرّد صدفة أن يخرج بطل مسلسل تلفزيوني اسمه "خادم الشعب" من الخيال إلى الواقع ليحقق ما لم يكن ممكنا بدون النجاح الواسع لهذا المسلسل؟ الخبير الفرنسي في السيميولوجيا والأعمال التلفزيونية فرانسوا جوست ردّ على سؤال مشابه في أحد الاستجوابات الصحافية قائلا "الخيال يسمح باختبار بعض الفرضيات، فمسلسل خادم الشعب يبيّن أنه ورفقة رجل مبتدئ في السياسة كان كل شيء في أوكرانيا بخير، وهو أمر مقنع بالنسبة للشخص الذي يشاهد المسلسل كما لو كان الأمر واقعا".
الخبير نفسه أوضح كيف أن الخيال يؤثر في الواقع السياسي لكونه يجعل المتلقي يعتاد بعض الأوضاع، "لهذا شاهدنا رئيسا أسود لأمريكا في برنامج "هيرز كرونو" (24 heures chrono) عشية انتخاب باراك أوباما في 2008، وهو نفسه كان قد اعترف بأن المسلسلات الخيالية تساعده في التفكير في بعض المشاكل قبل حصولها".
عقب النتائج المفاجئة للدور الأول من الانتخابات، كتبت صحيفة واشنطن بوست مفسرة ما جرى، بكون المواطن الأوكراني العادي يرى نفسه في شخصية زيلينسكي.
زيلينسكي رسّخ صورته في أذهان الأوكرانيين باعتباره شخصا براغماتيا بإمكانه الحصول على اتفاق سريع مع روسيا لإيقاف الحرب، وفي الوقت نفسه مواجهة الرشوة والفساد بكل قوة.
"إنه صغير السن، تقدمي، ومختلف عن كل ما سبق"، هكذا تنقل الصحيفة عن شاب صوّت لصالح زيلينسكي. "إنه لا يستطيع أن يتخيّل مدى صعوبة كسر النظام القائم.. ربما هو يفكر كمخرج أفلام، لكن الواقع أكثر تعقيدا"، وهذا ما يقوله محلل سياسي أوكراني للصحيفة الأمريكية الشهيرة.
زيلينسكي رسّخ صورته في أذهان الأوكرانيين باعتباره شخصا براغماتيا
تهمة الصهيونية:
ينتمي رئيس أوكرانيا الجديد إلى عائلة من أثرياء مجال الأعمال، وخاصة القطاع الصناعي، ويركز الكثيرون على انتمائه الديني، باعتباره أول يهودي يتولى منصب رئيس في هذا البلد الأوروبي، كما يذهب البعض إلى اتهامه بلعب دور الواجهة في أجندة مسنودة من طرف اللوبي الصهيوني وإسرائيل.
شكوك هؤلاء تتعزّز حين يدققون في مضمون إنتاجاته الفنية والتلفزيونية، والتي كانت منذ البداية مثقلة بالرسائل السياسية، دون أن يجرأ أحد على توقع انتهائه بإيصاله إلى منصب الرئاسة. ويدفع أصحاب هذا الاتهام بحجة شديدة الأهمية، تتمثل في كون المساهم الأكبر في رأسمال القناة التلفزيونية التي بثت مسلسل "خادم الشعب" هو أيهور كولومويسكي المقيم في إسرائيل.
كولومويسكي الذي توجهت نحوه الأنظار عقب ظهور النتيجة المفاجئة للانتخابات، لم يتردد في الإعلان عن استعداده العودة إلى أوكرانيا للاستقرار فيها بعد الكشف عن النتائج النهائية للانتخابات، كما لم ينتظر ضمان وصول ممثل قناته المدلل. ومثلما كان خلاف حاد بينه وبين الرئيس المنتهية ولايته سبب مغادرته أوكرانيا واستقراره في إسرائيل، فإن كثيرين يعتبرون فوز زيلينسكي مجرد انتقام ماكر من جانب كولومويسكي، خاصة أنه وقبل يومين من الدور الثاني للانتخابات الرئاسية، خرج في تصريحات للصحافة ليصف بوروشينكو بالدمية التي يسهل التلاعب بها.
زيلينسكي وقبل شهر من موعد الدور الثاني للانتخابات، خرج في واحد من تصريحاته النادرة، لينفي عنه تهمة الارتباط بأجندة كولومويسكي، وقال في برنامج "حوار مع مرشح للرئاسة" على قناة "أي سي تي في" التلفزيونية الأوكرانية "ليست بيننا أية اتفاقات أو توقيعات أو مذكرات تفيد بأني أخدم مصالح سيدي كولومويسكي. إنه ليس بسيدي، وليس لي أي سيد أساساً".
الرئيس الجديد لأوكرانيا اعترف بأن جل المؤسسات الإعلامية التلفزيونية في بلاده تخضع لسيطرة من وصفهم بالـ"حيتان الكبيرة"، لكنه عاد ليؤكد أن ذلك لا يعني أن كل من يعمل في تلك القنوات هو تابع وغير مستقل. صحيح أن "لديهم عقود مع المؤسسة، لكن مسألة من يكون مالك هذه المؤسسة يجب ألا تشغل بال أحد. وفي سائر العالم هناك نفس الشيء: مجموعات معينة تملك قنوات معينة"، وفقا للممثل الكوميدي الذي يعبر عن ذلك بجدية كبيرة.
الرئيس الجديد لأوكرانيا اعترف بأن جل المؤسسات الإعلامية التلفزيونية في بلاده تخضع لسيطرة من وصفهم بالـ"حيتان الكبيرة"
رئيس لا يتقن لغة بلده:
ما لا يعرفه الكثيرون، هو أن الرئيس الأوكراني الجديد يتحدث رفقة أسرته اللغة الروسية، بينما تُعتبر اللغة الأوكرانية غريبة عنهم.
الحوار الذي قامت به زوجته مع شبكة "بي بي سي" بعد الدور الأول من الانتخابات، ميّزه تأكيدها أن الرئيس الجديد يبذل جهودا كبيرة لتعلم لغة البلد الذي سيرأسه، وذلك لكون الروسية هي اللغة السائدة في المنطقة التي ينحدران منها.
"أنا سمعت اللغة الأوكرانية لأول مرة في الصف الثاني وتعلمتها من المعلم.. فلاديمير يحاول تعميق معرفته باللغة الأوكرانية، ونحن نبحث عن أستاذ يساعده في ذلك، وأنا أعتقد أنه سيتغلب على مشكلة وتيرة الحديث عندما يستعمل الأوكرانية".
صورته مع زوجته التي تكره السياسة: