وصف خبراء مغاربة إشادة المبعوث الأممي لمنطقة الصحراء الغربية بالتطور الذي شهدته الأقاليم الجنوبية، بـ"الهدية"، معتبرين أن شهادة هورست كوهلر كافية للتأكيد على أن حل أزمة الصحراء ليس مع البوليساريو وإنما الجزائر.
وعرض المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء الغربية، هورست كوهلر، الأربعاء الماضي 8 أغسطس/ آب، نتائج الجولتين الأولى والثانية اللتين قام بهما في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 ويونيو/ حزيران 2017 إلى المنطقة، على مجلس الأمن، وقال إنه يسعى إلى الجمع بين الأطراف المعنية بالنزاع "المغرب والجزائروجبهة البوليساريو" قبل نهاية السنة الجارية، وخلال كلمته أمام مجلس الأمن، أشاد كوهلر بالتطور والنمو اللذين عرفتهم منطقة الصحراء الغربية في السنوات الأخيرة.
ومن جانبه قال رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، عبد الرحيم المنار اسليمي، إن ملف الصحراء شهد تحولات كبرى في فترة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومبعوثه الأممي كوهلر، مضيفا لـ"سبوتنيك" أن زاوية النظر الجديدة مبنية على ثنائية الحفاظ على الأمن وتفعيل التنمية على الأرض، وهو ما خلق توازنات كبيرة بحسب اسليمي، في الملف لصالح المغرب.
وأضاف المحلل الأمني والاستراتيجي المغربي أن دعوات الأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك قرارات مجلس الأمن، الداعية إلى تبنى الواقعية هي إشارة واضحة إلى الوضع على الأرض اليوم في الأقاليم الجنوبية.
وشدد اسليمي أن التصريحات والتقارير والقرارات الدولية تجمع الآن على التطور الإيجابي الذي شهدته منطقة الصحراء الغربية، وهو ما ساهم في تغير مقاربة الأمم المتحدة للنزاع، إذ باتت تتبنى التوجه والمقترحات المغربية، بحسب رئيس المركز الأطلسي للدراسات.
وأكد المحلل الاستراتيجي المغربي على أن الأمم المتحدة ومبعوثها إلى منطقة الصحراء، استجاب لمطالب المغرب، في أن تكون الجزائر الطرف المباشر والرئيسي في المفاوضات الخاصة بمنطقة الصحراء وليس البوليساريو، وهو ما تبعه ارتباك في علاقة السلطات الجزائرية بالبوليساريو، ظهر وفقا للأسليمي في دفع ساكني المخيمات نحو المناطق العازلة، أو نحو الشمال الشرقي لموريتانيا.
وأصدر مجلس الأمن في 27 أبريل/ نيسان الماضي، قراره رقم 2414، بإلزام البلدان المجاورة للمغرب ولمنطقة الصحراء، ومنها الجزائر، بتقديم مساهمة هامة في المفاوضات وإبداء التزام أكبر من أجل المضي قدما نحو حل سياسي.
على الجانب الآخر، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري المغربي، رشيد لزرق إن تصريحات كوهلر الأخيرة هي مؤشر إيجابي لطي ملف النزاع على الصحراء الغربية الذي يعيق التنمية والسلم في المنطقة، المستمر منذ عام 1975.
وأضاف لزرق لـ"سبوتنيك" أن المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لمنطقة الصحراء المغربية، اعترف بنجاعة الحل القائم على تنمية الأقاليم الصحراوية، وأدلى بشهادته عما رآه على أرض الواقع من تطور وتنمية نفذتها المغرب في الأقاليم الصحراوية خلال السنوات الأخيرة، مفندا مزاعم جبهة البوليساريو الخاصة باستغلال المملكة لمواد تلك الأقاليم.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن المقاربة التنموية التي تتبناها الأمم المتحدة كحل لأزمة منطقة الصحراء، هي مقاربة فعالة في زمن ما بعد الأيدلوجيات، لكن فاعلية الملف يبقى في جدية الطرف الجزائري، في مفاوضات غايتها طي الملف والتفرغ لترسيخ المغرب الكبير، و ضم مصر له ليكون تكتلا إقليميا، قادرا على مواجهة تحديات شعوب المنطقة.
وتنازع "البوليساريو" المغرب السيادة على إقليم الصحراء، منذ عام 1975، حين انتهى الاحتلال الإسباني للمنطقة، وتحول النزاع إلى صراع مسلح توقف عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.
وتسعى الجبهة إلى تحرير الصحراء الغربية مما تراه استعمارا مغربيا، وتأسيس دولة مستقلة جنوب المغرب وغرب الجزائر وشمال موريتانيا تحت اسم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
وتخوض الجبهة صراعا مسلحا من أجل ذلك، في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات برعاية الأمم المتحدة لحل المشكلة ولم تستطع منظمة الوحدة الأفريقية ولا منظمة الأمم المتحدة الوصول بعد إلى حل سلمي لنزاع الصحراء الغربية الذي قارب عمره ثلاثة عقود.
ورغم أن النزاع في ملف الصحراء الغربية قائم رسميا بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، لكن اسم الجزائر يحضر كذلك في هذا النزاع على المستوى الإعلامي، إذ يصر المغرب على أن الجزائر مسؤولة عن هذا النزاع.
ويعود هذا الحضور بالأساس إلى احتضان الجزائر لمخيمات تندوف، مقر البوليساريو ودعمها المتواصل للجبهة، رغم تأكيد الجزائر على الصعيد الرسمي أنها ليست طرفا في النزاع.
فاروق بتيش
arabic.sputniknews.com