بيلوسي..نسخة تايوانية لـ "مرأة حديدية"..والخسارة الحتمية! .../ كتب حسن عصفو

اثنين, 08/08/2022 - 11:35

نجحت رئيس مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، بأن تخطف أضواء الأخبار كافة، وتحولت رحلتها من ماليزيا الى تايوان، الأبرز متابعة سياسية وإخبارية، بل ربما هي المرة الأولى التي ينشغل بها الرأي العام، بمتابعة مسار طائرتها، وفقا لموقع تخصصي الى أن وصلت العاصمة تايبيه.

وكي لا يسجل لها "نصر وهميا" فسبق أن قام رئيس مجلس النواب السابق نيوت جنجريتش عام 1997 بزيارة تايون، ولكنها لم تأخذ تلك الأبعاد التي رافقت الزيارة الجديدة، ما يفتح باب المقارنة برد الفعل الصيني الرسمي، وكذا روسيا وغيرها من دول عالمية، بينها مواقف عربية، حيث باتت الصين في مكانة استراتيجية دولية جديدة، لم يعد بالإمكان تجاهل دورها وأثرها في التطورات القادمة كونيا.

الموقف من الزيارتين، جنجرتش 1997، وبيلوسي 2022، هو الخيط الهام الذي يستحق التدقيق السياسي، فما كانت عليه الصين سابقا لن يكون لاحقا، حكمتها عناصر قوة تغيير شاملة في التأثير العالمي، وقوة اقتصادية – تقنية هائلة، لا يمكن لدولة أي كانت أن تذهب بعيدا في لعبة التحدي، التي كانت سابقا، خاصة بعد "حرب أوكرانيا"، حيث فتحت باب كسر الهيمنة الأمريكية ونهاية "القطبية الواحدة" نحو عالم جديد متعدد الأقطاب، وليس "أحادي" كما هو اليوم، أو "ثنائي" كما كان قبل انهيار المنظوم الاشتراكية والاتحاد السوفيتي، نحو عصر ركائز قطبية رباعية التأثير مبدئيا.

لعل البعض انتظر فعلا صينيا مباشرا على زيارة "الاستفزاز الصريح"، كما وصفها بيان البيت الأبيض في بداية إعلان بيلوسي، رغم انه لاحقا اعتبرها جزء من الموقف الأمريكي نحو "صين واحدة"، في تناقض يعكس درجة الارتباك السياسي داخل الإدارة الأمريكية ذاتها، وهو مظهر يكشف أن "حسابات الخوف" كانت جزءا من الموقف الأمريكي.

بالتأكيد، لن تمر الزيارة ببيان صيني رسمي فحسب، ولن تكتفي بكين بنشر قطع بحرية والقيام بمناورات حربية في المنطقة، رغم انها، أيضا، لن تذهب نحو عمل عسكري مباشر ضد طائرة بيلوسي أو نحو تايون، لما له من مخاطر كونية في الوقت الراهن، ولكنها حتما لن تمر مرور الكرام على "الخطوة الوقحة" نحوها.

الصين، أرسلت أول رسالة عما وصلت اليه من تطور عسكري من خلال المناورات التي نفذتها وتنفذها حول تايون، والتحذير من الاقتراب من تلك المنطقة، ما يمهد موضوعيا لفرض نوع من الحصار الجديد عليها، كفعل خشن بحدود محسوبة، الى جانب بعض حصار اقتصادي ويبدو أن القرار الأول سيكون لتصدير الرمال، التي تمثل الصين مصدر 70% من حاجة تايون لها...بالتأكيد هناك وسائل غير التدخل الفوري العسكري المباشر، ولكنه خيار لن يزول من جدول أعمال بكين، بل ربما أصبح الأقرب جدا للتنفيذ في وقت لاحق، سيرتبط بتطورات "المشهد الأوكراني".

البعض يعتقد أن "هيبة الصين" أصيبت بـ "خدش بيلوسي" بعدما هبطت طائرتها الأمريكية دون رصاصة واحدة، او عرقلة جوية واحتكاك ما حولها قبل الهبوط، وتلك "حسابات سرايا" وليست "حسابات قرايا"، فكل ما كان من "ضجيج صيني ساخن" رسالة مباشرة بأن ما بعد "رحلة بيلوسي" لن يكون كما قبلها ابدا...وسيكون فعله خارج المتوقع في لحظة تحول تاريخي عالمي.

حصار تايون القادم، سيكون حاضرا، ولكن ضمها النهائي ضمن قواعد عمل محسوبة باتت أقرب من أي زمن آخر، وهو فعل ينتظر لحظة التغيير العالمي المناسب، بعد نهاية حرب أوكرانيا وما ستتركه من اثار على صناعة القرار العالمي، دولا ، مراكزا وتحالفات.

من السذاجة جدا، الاعتقاد أن "استفزاز" الدول الكبرى يمكن أن يمر مرورا عابرا، فما بالنا والصين اليوم هي الدولة العظمى، وستكون قريبا الأعظم في التأثير على حركة الاقتصاد الكوني، ونفوذ غير محدود في الخريطة الجيوسياسية الجديدة.

صين اليوم ليست هي صين 1989، عندما قامت بيلوسي خلال زيارتها مع وفد نيابي أمريكي بالذهاب الى ميدان تيان آن مين، المكان الذي شهد مواجهة بين قوات الأمن الصينية ومتظاهرين، ولذا الاعتقاد بأن حدث زيارة تايون سيكون كحدث زيارة الميدان ليس سوى "سذاجة سياسية".

هل تؤدي رحلة بيلوسي التي حاولت أن تكون "امرأة حديدية" لتمنح حزبها بعضا من "مصوتين" بعد خيبات رئيسهم بايدن في الانتخابات الفرعية القادمة، الى نتائج متعاكسة تؤدي الى نكسات جديدة، ولعل تصريح الرئيس الأمريكي السابق ترامب بقوله "بيلوسي تسبب المشاكل دائمًا، ولم تفعل شيئا جيدا من قبل. انظر ماذا فعلت”. مقدمة لكيفية الاستخدام الداخلي.

" زيارة بيلوسي" قد تكون، بوابة نهاية "خصوصية تايوان" بتسريع تنفيذ الهدف الصيني بأسرع مما كان مخططا، لتصبح رسميا جزءا من الصين، ذلك هو السؤال المركزي المرتقب لرحلة لن تكون كغيرها.

ملاحظة: يبدو أن حكومة دولة الفصل العنصري ستحاصر السلطة ورئيسها محمود عباس بعد تقدم كبير في مفاوضات حقول قانا وقاديش لاستخراج الغاز الطبيعي، لكنها لا تقيم وزنا للمفترض أن بينهم اتفاق منذ 1993...صفعة جديدة لكم تلوح في الأفق يا محدودي التفكير من "صبية سياسيين".

تنويه خاص: والدة الشاب علي فوزي، الذي تم اختطافه في عز النهار، وأطلقوا الرصاص عليه لتعطيل حياته الإنسانية، تناشد بعلاج ابنها قبل ان يذهب مع ريح الترهيب الحمساوي في غزة..هل من مستجيب!

جديد الأخبار