منتدى أبوظبي للسلم.. في موريتانيا ... أحمد المسلماني

أربعاء, 18/01/2023 - 19:25

كأنّه خط الاستواء الجديد، إنه ليس ذلك الخط الجغرافي، بل حزام النار الذي بات يحيط بالقارة الأفريقية من الماء إلى الماء، من شاطئ الأطلسي إلى شاطئ المحيط الهندي. ولقد امتدّ حزام النار إلى مناطق جديدة داخل الدول التي تعاني الإرهاب والاقتتال، ثم إلى دول أخرى لم تكن من قبل على خريطة الإرهاب، وليست موزمبيق إلاّ نموذجاً لذلك الإرهاب الجديد.

أخذ الإرهاب في أفريقيا النموذج الكارثي لداعش، وأصبحت عمليات الإرهابيين في الترويع تفوق الخيال، إنها تبدو أحياناً كأنها أفلام حركة في أعمال سينمائية من فرط تطرفها وجنوحها، وغرابة أطوارها.

فلقد خرج الإرهابيون ذات مرة لأشخاص يسبحون في الماء في سواحل تونس، وخرجوا من الماء مرة أخرى وسيطروا على ميناء موزمبيقي لمدة شهرين، ثم إنهم يذهبون إلى القرى في محيط بحيرة تشاد، وفي لحظة واحدة يحولون القرى إلى كومةٍ من رماد، حيث قتل السكان، وسرقة الماشية، وحرق المنازل، وإنهاء كل شيء!

في هذه الأجواء القاسية، كان منتدى أبوظبي للسلم برئاسة العلاّمة عبدالله بن بيّه حاضراً في غرب القارة، عبر سلسلة فعالياته رفيعة المستوى في إطار «المؤتمر الأفريقي للسلام». في دورة عام 2023، التي انعقد تحت رئاسة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، كان ضيف شرف المنتدى الرئيس محمد بخارى رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية، كبرى دول القارة الأفريقية. وفي المنتدى وجّه الرئيس بول كاغامي رئيس رواندا كلمة مهمة، كما وجّه الرئيس محمد بازوم رئيس جمهورية النيجر كلمة ثرية، ضمن فعاليات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر.

قال لي الأستاذ المحفوظ بن بيّه أمين عام منتدى أبوظبي للسلم: إن اهتمام القيادة السياسية في دولة الإمارات بملف السلم في أفريقيا هو اهتمام كبير، ويمثِّل «المؤتمر الأفريقي للسلام» تجليّاً أساسياً في خريطة ذلك الاهتمام. في الجلسة الأولى للمؤتمر بعنوان: «جغرافية الأزمات في القارة الأفريقية»، والتي تشرفت بالمشاركة فيها، كان عدم اليقين سائداً بشأن حالة الأمن والسلم في القارة السمراء، فمن الآثار الاقتصادية للجائحة إلى الآثار الأكبر لحرب أوكرانيا، إلى تمدّد جغرافيا الدم، والتغيّر المستمر في هياكل التنظيمات وتحالفتها وانقساماتها.. كلها أمور تدفع للحذر والقلق. بينما تحتاج أفريقيا إلى دعم القوى العالمية لمعركتها الصعبة في مواجهة التصحر والجفاف، وتضاعف أعداد لاجئي المناخ، فإن هدف الاستنزاف لا يزال قائماً، بينما الدعم الحقيقي في مواجهة الجفاف لا يزال محدوداً للغاية.

ليست أفريقيا بالقارة الفارغة أو الخاوية، أو تلك القارة التي لا تملك فكراً، ومن ثم يجري العبث بها. فهناك ما يمكن تسميتُه «العقل الأفريقي».. وحسب المفكر الكيني علي الأمين المزروعي، فإن التراث الأفريقي والدين الإسلامي والثقافة الغربية عناصر تشكل معاً «الفكر الأفريقي».. إنها قارة ذات عطاء فكري، وليست عالة ثقافية على الغير.

كان المؤتمر الذي عقده «منتدى أبوظبي للسلم» في نواكشوط، بحضور رؤساء ووزراء وعلماء من دول عديدة، والكلمة الضافية للعلامة ابن بيه.. بمثابة عصف ذهني قارّي، لم يستسلم لحالة اللايقين، وراح يحاول صناعة الأمل.

*كاتب مصري

جديد الأخبار