تترقب أسواق الغاز العالمية دخول موريتانيا كلاعب جديد في هذه الصناعة بعدما باتت على بُعد أشهر قليلة من بيع أول شحنة، الأمر الذي سيجعل البلاد مركزا لهذه التجارة وموردا موثوقا بفضل الاحتياطيات البحرية الكبيرة التي يحتكم عليها.
دبي - تتجه موريتانيا لتصبح أحد أهم مراكز الغاز في قارة أفريقيا، حيث تستعد البلاد لبيع أول شحنة خلال العام المقبل، مما يجعلها أحد اللاعبين الجدد في نادي هذه الصناعة عالميا.
وقال الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني خلال فعاليات مؤتمر المناخ (كوب 28) المقام حاليا في دبي إن بلاده “لديها موارد كبيرة من الغاز تتجاوز 100 تريليون قدم مكعب”.
وأشار إلى أن لديها موارد كبيرة من الطاقات المتجددة مثل الشمس والرياح، التي “يمكن تطويرها على الفور”، لإنتاج الهيدروجين الأخضر، خاصة في المناطق الشمالية الغربية كونها أيضا منطقة تعدين هامة، خاصة لإنتاج الحديد.
وأكد ولد الغزواني أثناء جلسة مخصصة للنقاش حول “التصنيع الأخضر في أفريقيا” أنه لا يرى أي تعارض أو تناقض بين تطوير موارد الغاز في موريتانيا وطموحها لتطوير صناعة الهيدروجين الأخضر.
ويأتي انضمام موريتانيا إلى قائمة طويلة من منتجي الغاز الرئيسيين في وقت تزداد فيه الحاجة إلى هذا المورد وخاصة من الأسواق الأوروبية، التي ابتعدت كثيرا عن الغاز الروسي بسبب الحرب في أوكرانيا.
وفي السنوات الماضية ركزت السلطات أنظارها على الغاز بعد اكتشاف احتياطيات كبيرة في سواحلها الأطلسية، بينما تسعى الحكومة لترسيخ إصلاحاتها بهدف التحول من الاكتفاء الذاتي إلى مرحلة التصدير.
ويرى خبراء أنه مع بدء استغلال احتياطيات الغاز المكتشفة ستصبح البلاد الثالثة أفريقيّا بعد كل من نيجيريا والجزائر في مجال تصدير الغاز.
محمد ولد الغزواني: لدى البلاد موارد كبيرة تتجاوز 100 تريليون قدم مكعب
محمد ولد الغزواني: لدى البلاد موارد كبيرة تتجاوز 100 تريليون قدم مكعب
ومن المتوقع أن يسهم ذلك في تحسين الظروف المعيشية لأضعف اقتصادات شمال أفريقيا وتوفير فرص عمل للشباب، حيث تبلغ نسبة البطالة 30 في المئة في بلد تعداد سكانه نحو 4 ملايين نسمة.
وتوقع وزير البترول والمعادن والطاقة الموريتاني الناني ولد اشروقة أن تبدأ بلاده في تصدير الغاز الطبيعي مطلع العام المقبل من حقل السلحفاة آحميم، حيث تسعى بلاده للاستفادة من ثرواتها الطبيعية من أجل دفع اقتصاد البلاد.
وقال على هامش كوب 28 إنه “بنهاية الربع الأول من عام 2024، سيتم شحن أول باخرة من الغاز الموريتاني”.
وأشار إلى أن بلاده لديها حقلان رئيسيان للغاز، وهما السلحفاة آحميم المشترك مع السنغال، والآخر بئر الله، وتبلغ مخزوناتهما معا 50 تريليون قدم مكعب.
وأوضح اشروقة أن موريتانيا تزخر بمقدرات كبيرة في الغاز، معتبرا أن الفرص التنموية المتاحة لتطوير قطاع الغاز هائلة وهي “غير مسبوقة”.
وأكد أن التوقعات الأكثر مصداقية تشير إلى ارتفاع الطلب على الغاز في الفترة القادمة بمعدل يبلغ ذروته في 2030.
وبخصوص التحديات البيئية التي قد تصاحب استغلال الغاز في المياه الإقليمية على الأطلسي، أوضح الوزير أن بلده يمتلك ثروات سمكية هائلة ويحرص على حمايتها واستدامتها.
وكانت وزارة البترول قد عملت بالتنسيق مع وزارة البيئة من أجل الحفاظ على الثروات البحرية وتجنب تضررها من عمليات إنتاج الغاز.
وتقول نواكشوط إن الغاز يعتبر من موارد الطاقة الصديقة للبيئة، وبالتالي قد لا يشكل تهديدا مباشرا أو خطرا على النظام البيئي للبلد.
وبحسب مراقبين، فإن دولا كثيرة باتت تخطب ود موريتانيا، التي تحتكم على احتياطيات مهمة من الغاز وإمكانات كبرى في مجال الطاقة الخضراء التي توفرها تضاريسها الصحراوية الشاسعة، ناهيك عن موقعها الإستراتيجي على ساحل الأطلسي.
بيئة ملائمة
وتعمل البلاد على الاستفادة من مخزونات الغاز من حقولها البحرية مثل آحميم والذي تبلغ احتياطياته 15 تريليون قدم مكعب، وهو يقع على بعد 120 كيلومترًا من الساحل على عمق مائي يبلغ 2850 مترا ما يجعله أحد أعمق المشاريع تحت سطح البحر في أفريقيا.
واكتشف الحقل عام 2014 من طرف شركة كوسموس أنيرجي الأميركية، قبل أن تدخل شركة بريتيش بتروليوم (بي.بي) نهاية عام 2016 في المشروع.
واستحوذت بي.بي على 62 في المئة من مناطق الاستكشاف التابعة لكوسموس في موريتانيا والسنغال والبالغة نحو 33 ألف كيلومتر مربع، مقابل مليار دولار.
وتتولى الشركتان حاليا تطوير حقل آحميم المشترك، الذي تصل عمليات الاستخراج فيه إلى ثلاثة عقود.
وأوضحت كوسموس أنيرجي أنه في وقت سابق من هذا العام نجح المشغل في حفر وإكمال جميع الآبار الأربعة في حقل آحميم، بقدرة إنتاجية أكبر بكثير من التوقعات السابقة.
وأشارت الشركة في تقرير نتائجها التشغيلية والمالية للربع الثالث لعام 2023، إلى أن المحطة الرئيسية في المشروع اكتملت أعمال البناء فيها، وتم الانتهاء من التسليم للعمليات في أغسطس الماضي.
وأكدت كوسموس أنه في ما يتعلق بالعمليات تحت البحر، فقد تم إحراز تقدم كبير في عمليات إكمال تركيب خطوط التدفق والهياكل بعد التأخير المعلن مسبقا في مسار العمل.
الناني ولد اشروقة: الفرص المتاحة لتطوير الغاز هائلة وهي غير مسبوقة
الناني ولد اشروقة: الفرص المتاحة لتطوير الغاز هائلة وهي غير مسبوقة
أما شركة بريتيش بتروليوم البريطانية فأكدت مؤخرا أن مشروع تصدير الغاز من الحقل وصل إلى المرحلة التي تسبق الإنتاج.
وبينت أن المرحلة الحالية تتطلب مضاعفة جهودها وأيضا الموردين مع الالتزام بالامتثال لقواعد السلامة لضمان تسليم آمن للمشروع.
وبفضل الاكتشافات أصبحت موريتانيا محط أنظار العالم والقوى المتخصصة في صناعة الغاز، كما فتحت شهية كبرى شركات الطاقة العالمية الأخرى على غرار إكسون موبيل الأميركية وتوتال أنيرجيز الفرنسية.
وفي يوليو الماضي، أبرمت المؤسسة الموريتانية للمحروقات الحكومية وشركتا شل وقطر للطاقة اتفاقا تستحوذ بموجبه الشركة القطرية على 40 في المئة في الرقعة سي 10 البحرية الاستكشافية الواقعة قبالة شواطئ موريتانيا.
وستدفع هذه الشراكة إلى تسريع عمليات الحفر على مستوى الرقعة المذكورة البحري والرفع من وتيرة ونوعية الاستكشاف في المقطع سي 2 المجاور.
وكان مجلس وزراء منتدى الدول المصدرة للغاز، قد وافق مؤخرا خلال أعمال الدورة الـ25 في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية على انضمام موريتانيا كعضو مراقب.
ويقول المختصون إن الخطوة تعتبر تأكيدا للإمكانيات المهمة والآفاق الواعدة التي تمتلكها في مجال الغاز.
وينتظر أن تحصل موريتانيا على العضوية الكاملة بالمنتدى بعد دخولها مرحلة الإنتاج والتصدير لتلتحق بكل من قطر وروسيا والإمارات وإيران والجزائر ومصر وليبيا وبوليفيا وغينيا الاستوائية ونيجيريا وترينيداد وتوباغو وفنزويلا