في كل مرة يطرح السؤال حول قضية الصحراء المغربية نتحدث عن الدول المعنية بها، وهي الجزائر وإسبانيا وموريتانيا، ومن المعلوم أن إسبانيا هي القوة الاستعمارية السابقة، والجزائر هي التي افتعلت المشكل، لكن موريتانيا ما موقعها من الإعراب؟ لهذا يحاول هذا الملف إبراز أسباب اعتبار موريتانيا طرفا في هذه القضية.
هكذا أصبحت موريتانيا طرفا في نزاع الصحراء
بدأت بين الجانب الجزائري والموريتاني مفاوضات واتصالات ابتداء من منتصف سنة 1979، كان الهدف الخفي منها هو تسليم منطقة وادي الذهب لجبهة البوليساريو، وقد ظهر ما كان يطبخ في الخفاء عندما خرج وزير الإعلام الموريتاني محمد ولد الحسين، بتصريح يوم 2 غشت من نفس السنة، قال فيه: ((لو تمت استشارة الشعب الموريتاني لما قبل أبدا تقديم كل التضحيات من أجل قطعة من الرمال لم يسبق له أن طالب بها))، وبعد ذلك بأيام قليلة، أي يوم 5 غشت، تم توقيع اتفاقية في العاصمة الجزائرية بين موريتانيا وجبهة البوليساريو، تقضي بتسليم وادي الذهب إلى الجبهة الانفصالية.
وبعد ثلاثة أيام على توقيع هذا الاتفاق، أعلنت المملكة المغربية عن رفضها المطلق لهذه الاتفاقية، وبعد ذلك، توجه أعيان المنطقة إلى الرباط لبيعة الملك الحسن الثاني، وبالتالي، تم استرجاع إقليم وادي الذهب إلى الوطن الأم، وكان على الملك الحسن الثاني أن يوضح موقف المغرب من تطور الأحداث، وماذا وقع، وعلى هذا الأساس وفي عز شهر رمضان، أي يوم الأحد 25 رمضان 1399 للهجرة الموافق لـ 19 غشت 1979، عقد الحسن الثاني مؤتمرا صحفيا، أكد في بدايته أن الأحداث التي عاشها المغرب وجزء من حوض البحر الأبيض المتوسط، وكذلك منطقة شمال غرب الصحراء، تتطلب بعض الإيضاحات، لأن المغرب والمنطقة يتعرضان لمخاطر جهل الحقيقة أو سوء النية، وأكد الملك أنه في كلتا الحالتين، فإنه يعتقد أن من واجبه تنوير الرأي العام الدولي والإقليمي قدر المستطاع.
كما قدم الحسن الثاني عرضا موجزا عن تاريخ الصحراء وعلاقته بموريتانيا، حيث أكد من خلاله أنه عندما حصل المغرب على استقلاله، وبالضبط في 12 أبريل 1956، وقع المتفاوضون المغاربة والإسبان على الاتفاق بفندق ألفونسو 13 بغرناطة وليس بمدريد، وذلك في الساعة الخامسة صباحا، ولم يضع هذا الاتفاق حدا للحماية الإسبانية على المنطقة التي كانت تعرف باسم “المنطقة الإسبانية” فحسب، وإنما أكد العقد أيضا أن إسبانيا ستساعد المغرب على تحقيق وحدته الترابية، ومنذ ذلك الحين، تمكن المغرب – عن طريق المفاوضات – من استرجاع الجزء الأقصى من الأراضي التي كانت تحتلها إسبانيا، وأوضح الملك أن مسلسل استرجاع الصحراء المغربية من إسبانيا كان قانونيا، وأن الوصول إلى الداخلة من الجانب المغربي هو وصول قانوني، ودافع عن قانونية استرجاع المنطقة، بأنه عندما استرجع المغرب سيدي إفني وجد نفسه مجمدا من طرف موريتانيا، التي لم يكن قد اعترف بها بعد، وهي التي دفعت بها الجزائر دفعا إلى المطالبة بجزء من الصحراء، غير أنه بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي سنة 1969، الذي احتضنه المغرب، كان مناسبة لاعتراف المغرب بموريتانيا، ثم انعقد مؤتمر القمة الإفريقي سنة 1973، والذي تم خلاله التوصل إلى اتفاق بين المغرب والجزائر بشأن الحدود، ويحكي الحسن الثاني أنه على هامش القمة أخبره الرئيس الهواري بومدين، أنه لا يريد أن يقول البعض أو يعتقد أن المغرب والجزائر وقعا الاتفاق على حساب موريتانيا، وأنه بإمكان المغرب وموريتانيا أن يتفقا حتى تكون المساعي القادمة لدى منظمة الأمم المتحدة مساعيا مشتركة من أجل تصفية الاستعمار في الصحراء.
تتمة المقال بعد الإعلان
وعلق الملك على مقترح بومدين بأنه لم يكن في حسبان أي زعيم جزائري أن المغرب وموريتانيا قادران على الاتفاق وأن يصبحا حليفين، ورغم ذلك، فقد تم توقيع الاتفاق، وتوحدت الجهود لاستشارة محكمة العدل الدولية، التي أصدرت قرارها، فكان الجواب عن النقطة الأولى بأن الصحراء لم تكن أرضا خلاء، ولم تكن أرضا بدون مالك، وثانيا، كانت هناك روابط بين المغرب والصحراء تقوم على البيعة، وثالثا، هناك نزاع بين إسبانيا والمغرب، وهكذا قام المغرب بتعيين قاض خاص بالمحكمة، وهو أمر لم تقم به موريتانيا، وهذا هو ما يبرز تنظيم المسيرة الخضراء انطلاقا من قرار محكمة العدل الدولية.
وأكد الملك أنه من المهم معرفة أن المحكمة قالت بأن هذه الأرض لم تكن أرضا خلاء، ولهذا فإن ما يمكن تسميته باتفاق الجزائر، لم يكن في الواقع سوى بطاقة تافهة وقعت في لحظة عابرة، حيث أنه جعل من وادي الذهب أرضا خلاء من الناحية القانونية، لأنه أراد تسليم أرض إلى جهة لا وجود قانوني لها وهي البوليساريو، وعلى هذا الأساس، صرح الملك بأن المغرب توجه إلى مدينة الداخلة، وعندما استقبله سكان الداخلة، فإنه في الواقع دافع عن المشروعية وعن قرار محكمة العدل الدولية، لأن البوليساريو لا وجود له حتى في تانزانيا معقل حركات التحرير، ولا في منظمة الوحدة الإفريقية، ولا في أي جهة أخرى، وأن الاتفاق من الناحية السياسية والقانونية لا يمكن اعتباره شهادة ميلاد، وأن تسليم شيء لأحد لا وجود له، يعتبر إما تسليما باطلا أو أن الشيء الذي تم تسليمه لا وجود له في الواقع.
حجج استرجاع الداخلة
صرح الحسن الثاني بأنه كان يراد لوادي الذهب أن يصبح أرضا خلاء، الشيء الذي لا يقبله المغرب، خاصة وأن له مع هذه الأرض روابط قائمة على البيعة، وبناء عليه قال: ((لهذا فإننا نعتبر الورقة الموقعة في الجزائر من الناحية القانونية، اتفاقا ثنائيا لا يلزم سوى أولئك الموقعين عليه من الجانب الموريتاني، ودون أن نتدخل في شؤونه الداخلية، لا أعتقد أن الموقعين على هذا الاتفاق يتوفرون على صفة التمثيل الشرعية لتحقيق الاستقرار والسلم ونبذ الغموض، ومن الجانب الآخر، فإني أعتقد أن أولئك الذين وقعوا الاتفاق لا وجود لهم، لأن البوليساريو ليس له أي وجود قانوني)).
وتابع الملك كلامه قائلا: ((وهنا أتساءل: ماذا كان يريد الجزائريون من وراء ذلك، وهم رجال قانون يدققون في الأمور ويتفحصون القرارات قبل إصدارها، وهم الذين تكونوا في مختلف مدارس القانون؟ فكيف يعقل أن يقبلوا تزوير شهادة ميلاد أو تبنيها مع العلم أن هذه الشهادة لا قيمة لها البتة؟ وعلى ذلك، نتساءل لماذا قبل المغرب بيعة سكان الداخلة؟ أولا: لأنه لا يمكن رفض بيعة تستند على التاريخ، ثانيا: لأن الطريقة التي تخلى بها الموريتانيون عن وادي الذهب لم تكن تصفية لكل القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الإفريقية، ذلك أن القرارين اللذين صوت عليهما لتصفية الاستعمار قد ألحا على استشارة السكان، وحتى القرار المزيف الصادر مؤخرا عن مؤتمر مونروفيا، والذي يرفضه المغرب، يتضمن في مراحله ضرورة استشارة السكان)).
البوليساريو مشكلة من الموريتانيين
وجهت للملك الحسن الثاني خلال المؤتمر الصحفي، بعض الأسئلة حول علاقة موريتانيا بقضية الصحراء المغربية، مع العلم أن المؤتمر الصحفي كما صرح بذلك ملك البلاد، هو من أجل توضيح وتنوير الرأي العام حول بعض الحقائق التاريخية، وكان من ضمن الأسئلة التي وجهت له، سؤال من طرف صحيفة “الرأي” الكويتية، قائلة: “لقد كانت الحدود التاريخية للمغرب حتى نهر السنغال، وأهالي الصحراء كلهم يدينون بالولاء للعرش المغربي، لماذا وافق المغرب -حسب اتفاقية مدريد – على منح موريتانيا الجزء الجنوبي من الصحراء؟”، فأكد الملك في معرض جوابه، أنه ((فعلا كانت حدود المغرب إلى وادي السنغال، إلا أن الظروف جاءت وغيرت ما كان عليه الأمر من قبل، أما كون المغرب أعطى موريتانيا حسب اتفاقية مدريد جزء من الصحراء، فإن هذا لا تتضمنه اتفاقية مدريد، وأضاف أنه لو لم يتفق المغرب مع موريتانيا لوضع السؤال أو السؤالين على محكمة العدل، لكانت المعارضة الإفريقية وبعض الدول الأوروبية والعالمية ستمنع أو ستقف في وجه إلقاء السؤالين على محكمة العدل))، وإلقاء السؤال على محكمة العدل كان مرحلة حيوية بالنسبة للمستقبل، حسب تصريح الحسن الثاني، وأضاف أنه ((لو كان الجواب سلبيا لما تمكن المغرب من القيام بالمسيرة الخضراء))، وختم جوابه بالتأكيد على أن الاتفاقية بين موريتانيا والمغرب حول الصحراء كانت مرحلة ضرورية، وقد ظهر الآن أنها مسألة حادثة وليست قارة.
وخلال نفس المؤتمر الصحفي، أوضح الملك من خلال إجابته عن بعض الأسئلة، أن البوليساريو مشكلة أساسا من الموريتانيين، وأن اتفاق 5 غشت بين موريتانيا والبوليساريو في الجزائر، هو عبارة عن مصالحة بين الموريتانيين.. فعندما سئل الحسن الثاني من طرف صحيفة “لومتان الصحراء” حول المساعدة التي سيقدمها المغرب إلى موريتانيا إذا ما تعرضت هذه الأخيرة لأي اعتداء، أجاب: ((إنه سؤال كالسيل وسأحاول تجزئته، وأجيب في البداية عن الشطر الأخير منه، أي ما هو موقف المغرب إذا هوجمت موريتانيا؟ هنا أتساءل: ستهاجم من طرف من؟ من الآن فصاعدا، كل ما يمكن أن يحدث في موريتانيا لا يمكنه أن يكون إلا مسألة داخلية، لأننا نعلم أن البوليساريو يتكون من الموريتانيين… فإذا ما هوجمت موريتانيا فسوف ندافع عنها ما عدا ضد البوليساريو، لأن كل ما يتعلق بهذا الأخير يعتبر مسألة عائلية، وفي هذا الصدد، يمكننا أن نشكر الجزائريين الذين مكنوا الأشقاء من التصالح، وأرى أن الجانب الإيجابي الوحيد في اتفاق الجزائر هو توضيح الموقف بصورة نهائية، ومن الآن فصاعدا، فإن البوليساريو لم يعد حركة تحرير، بل أصبح يشكل معارضة قائمة ومسلحة، معارضة موريتانية داخل موريتانيا لا يهمنا أمرها في شيء)).
وعندما سأله موفد إذاعة فرنسا “أوروبا 1″، السؤال التالي: “لقد طلبتم يوم الثلاثاء الأخير من أعداء المغرب العودة إلى موريتانيا، فهل هذا يعني أنكم تأملون إدماج محاربي جبهة البوليساريو في موريتانيا؟”، أجابه الملك: ((حقيقة، إنني نصحت السكان الموريتانيين الذين يسمون أنفسهم البوليساريو، والذين يتدربون سواء في ليبيا أو الجزائر، أن يضعوا حدا لهذه الوضعية، فليستحوذوا على الحكم، وليعملوا على بناء موريتانيا، أو فليتركوا السلاح ويعودوا إلى بلادهم من أجل بنائها، ولكنني لم أقل أبدا للبوليساريو أن يذهبوا إلى موريتانيا لاحتلالها، ذلك لأن الشيء الذي يغيب عن بال البعض هو أن البوليساريو هي موريتانيا، إنني لا أحب أن أكشف سرا، فعندما تحادثت مع الوزير الأول هيد الله قلت له ونحن في جمع مفتوح – وكنا نمزح بالطبع – هل تفضلون البوليساريو علينا سيدي الوزير، وعندما بقينا على انفراد أجاب قائلا: صاحب الجلالة، إننا نفضلكم على البوليساريو رغم أنهم منا ونحن منهم، وهذا ينساه الناس، فلو كان البوليساريو هم تلك الآلاف القليلة من الصحراويين الذين لم يريدوا العيش تحت العلم المغربي منذ انسحاب الإسبان، لهلكوا منذ زمن طويل، ولقد وجدنا ضمن البوليساريو أشخاصا موريتانيين بصفة خاصة، يلتحقون بصفوف البوليساريو في أفواج تناهز الخمسين شخصا. وهنا أقول بأن الصحافة ليست على علم تام بحقيقة الأمر، وأكثر من ذلك، فإن العالم يعيش الآن على موضة الفكر الجزائري وعلى موضة الزي المغربي، إذن، فإما أننا سنتسكع وإما أننا سنتحضر، ولرب قائل يقول إنني جزائري التفكير مغربي التربية. لا، بل يجب التحلي بالنزاهة، اذهبوا وقوموا بواجبكم والتحري في تغطية الأخبار، فليس من المعقول أن أقول لكم أن الموريتانيين يوجدون في صفوف البوليساريو، عليكم أن تعلموا ذلك أكثر مما أعلمه أنا، لأنكم تقضون وقتكم في زيارة مخيمات تندوف، ومخيمات التجمع، ومخيمات اللاجئين، إنكم تذهبون إلى هناك لتشاهدوا بأنفسكم من يسكن هذه المخيمات، اذهبوا وتجولوا عندنا وعندهم وفي أي مكان، إني أؤكد لكم أن العالم في حاجة ماسة إلى الحقيقة، لأننا نعيش في عالم أصبح يتيه في حماقة يوما بعد يوم)).
ومن بين الأسئلة التي طرحت على الملك أيضا: “ألا تعتقدون أن المواقف بشأن نزاع الصحراء قد تمت بظهور النظرية التالية، وهي أن المغرب يعتبر ملكية غازية، وأن البوليساريو حركة ديمقراطية وثورية، أود معرفة ما إذا كان هذا الحكم صحيحا وهذه النظرية صائبة؟”، أجاب الحسن الثاني بأن البوليساريو بالنسبة له ينقسم إلى قسمين: إما أن يكونوا موريتانيين، وعليهم أن يزاولوا لصوصيتهم في مكان آخر، وإما أن يكونوا مغاربة، فهم بالنسبة له متمردين في نظر القوانين الجنائية والقانون والفقه الإسلامي.
وعن سؤال موجه من جريدة “باري ماتش” الأسبوعية، حول عدد قوات البوليساريو، أجاب الملك بأن البوليساريو لا يتوفر على لائحة عسكرية قارة، وهذه اللائحة تتوقف على عدد الموريتانيين الذين يغادرون بلادهم للالتحاق بمعسكرات التدريب، كما يعود إلى مستوى التدريب الذي وصلوا إليه، وأكد أنه أحيانا يمكن أن نجد أنفسنا أمام مجموعة من أربعة آلاف شخص مدربين أحسن تدريب أو أقل من ذلك بكثير، لأن المكونين جيدا هم قلة والآخرين لا يزالون في مرحلة التدريب، وبصفة عامة، فإن عددهم يتراوح ما بين 4000 و4500 قادرين على القتال على أكثر تقدير.
وبخصوص سؤال من صحيفة “لوموند”، جاء فيه: “قلتم يا صاحب الجلالة أنه ليس من المستبعد أن نظاما يهيمن عليه البوليساريو في موريتانيا طبعا لحقائق جيوسياسية قد يرغب في الإبقاء على اتفاقيات التعاون مع المغرب، هل تعتقدون في ظل هذه الظروف، أن تغيير النظام في نواكشوط سيكون من شأنه إرضاء الجزائر على المدى البعيد؟”، فأجاب الملك بالتالي: ((كما تعلمون، كل شيء قابل للتغيير في موريتانيا، لذلك وجدت محكمة العدل الدولية نفسها في مأزق لإيجاد التعبير اللائق، وأنا معجب بالذي استطاع اكتشاف عبارة المجموعة الموريتانية، إذ لا يمكن تسميتها بموريتانيا ولا ببلاد الموريتانيين ولا بالإمبراطورية الموريتانية، فأنا معجب بالذي أوجد هذه العبارة، لأنه يتمتع حقا بتفكير خلاق، ويجب أن لا ننسى بأن موريتانيا مثلثة الجوانب، فهناك الشمال حيث يوجد السكان الأصليون الذين تجمعهم بالعرب القادمين من الجنوب عدة روابط، ولهذا تجدون بأن السكان الصحراويين القاطنين مثلا في وادي الذهب وبالداخلة، يتشابهون كثيرا في عاداتهم وتقاليدهم مع المغاربة القاطنين في الشمال أكثر من تشابههم مع سكان جنوب المغرب، وهناك الجنوب، ويتعلق الأمر بالسكان السود والتكلور المتاخمين لنهر السنغال، وهم يميلون إلى الهوية السنغالية أكثر من ميلهم إلى موریتانیا، وتوجد وسط موريتانيا قبائل عائمة ترتبط تارة بالجنوب وأخرى بالشمال حسب نزول الأمطار وتوفر الكلأ، وهذا ما يجعل كل شيء في موريتانيا قابلا للتقلب والتغير، وهذا ما دفع بالجنرال دوغول عندما أراد أن يجعل بإيعاز من السيد ميسمير، من هذه المجموعة دولة جعل منها في الحقيقة نقطة ضعف على هذا الساحل الذي أريد له أن يكون منطقة هادئة من باريس إلى سان لوي، وأعتقد شخصيا أن الموريتانيين معرضون لخطر دائم إذا لم يتخلصوا من القبلية حتى في صفوف البوليساريو، الذي يعرف تناقضات صعبة الزوال، ونعلم جيدا أن البوليساريو إذا ما احتل قرية في موريتانيا وأقام بها، فإنه سيتبع ذلك تصفية حسابات بين القبائل نفسها، إنه أكثر خطورة من قبلية إفريقيا السوداء، لأن هذه الأخيرة تظهر فقط من حين لآخر، أما القبلية في موريتانيا فهي قائمة في كل وقت، فليست هناك فيضانات ولا فصل شتاء ولا فصل صيف، إن القبلية الجنوبية في البلدان العربية الواقعة في شمال إفريقيا، قبلية قائمة يمكن تصويرها على شكل أسنان المنشار، أو بعبارة أخرى، فهي تبقى كامنة إذا لم تتفجر)).
أعد الملف: سعد الحمري
الأسبوع الصحفي