تتجه الحكومة الموريتانية إلى التعاقد مع إحدى شركات الملياردير الأميركي إيلون ماسك لتوفير خدمة الإنترنت في الأماكن التي لا توجد فيها تغطية من قبل مشغلي الانترنت المحليين.
وقال وزير التحول الرقمي محمد عبدالله لولي إن القطاع تواصل مع منظومة “ستار لينك” التابعة لشركة “سبيس إكس” من أجل توفير خدمة الإنترنت، وأضاف في مداخلته خلال جلسة برلمانية أن استفادة البلاد من الخدمة التي توفرها الشركة لا تحتاج إلى تشريع قانوني من قبل المشرع الموريتاني.
ونظام “ستار لينك” عبارة عن خدمة إنترنت قائمة على الأقمار الصناعية أنشأتها شركة “سبيس إكس” وصممت لتوفير الوصول إلى الإنترنت في المناطق المحرومة التي لا يوفرها نظام خدمة الإنترنت التقليدي. ويتكون النظام من آلاف الأقمار الصناعية الموضوعة في مدار أرضي منخفض، والتي يتم ربطها ببعضها البعض لإنشاء شبكة متداخلة قادرة على توفير وصول عالي السرعة إلى الإنترنت، وهو يوفر خدمة الإنترنت من خلال توصيل المستخدمين بالأقمار الصناعية عبر طبق هوائي يتم توصيله بجهاز التوجيه والمودم الخاصين بالمستخدم.
وكشفت مصادر مطلعة في نوفمبر الماضي أن ماسك تقدم بعرض لشركة تونس للاتصالات وشركائها، من أجل شراء شركة اتصالات موريتانية، وقالت صحيفة “أفريكا فينانس” الفرنسية إن الملياردير الأميركي قد أجرى مباحثات مع رجل الأعمال الموريتاني محمد ولد بوعماتو، تضمنت موضوع بيع شركة الاتصالات الموريتانية – التونسية “ماتيل”، وأضافت أنه عرض أكثر من 270 مليون دولار، مقابل الاستحواذ على جميع أسهم شركة الاتصالات الموريتانية – التونسية “ماتيل”.
ويعيش نحو 31 في المئة من سكان موريتانيا، البالغ عددهم حوالي أربعة ملايين نسمة، تحت خط الفقر، وفق بيانات رسمية. ويصنف البنك الدولي موريتانيا ضمن الدول الأقل تطورا، حيث تحتل المرتبة 160 من أصل 189 دولة، حسب الترتيب العام المعتمد على مؤشر النمو البشري.
وقال وزير التحول الرقمي في خطابه الافتتاحي على هامش تدشين الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لمشروع تغطية المناطق الحدودية الجنوبية بخدمات الاتصال في مدينة كيهيدي، إن هذا المشروع يهدف إلى تزويد المناطق الجنوبية بشبكات اتصال إلكترونية حديثة.
وبين أن هذه التغطية “ستعزز الاستقرار والسلامة الوطنية، وتشكل أساسا للتعامل بين الجهات المختلفة، وهو ما سيعزز الفاعلية العامة لجهود تعزيز الأمان والتنمية المستدامة في المناطق الحدودية”، مشيرا إلى أن هذا المشروع سيتم تنفيذه على ثلاثة محاور، أولها بطول 740 كيلومترا، والثاني طوله 700 كيلومترا، والثالث يبلغ طوله 160 كيلومترا، وأبرز أن المحور الأول من هذه المحاور سيتم تنفيذه في الوقت الحاضر على أن تتم برمجة المحورين الآخرين قريبا.
وأردف الوزير أن المحور الذي سيتم تنفيذه في الوقت الحالي ستستفيد منه أكثر من 241 قرية وتجمعا سكانيا حدوديا، تضم ما يربو على 200 ألف ساكن، بواسطة 42 موقعا شمسيا جديدا متصلا بالشبكة الوطنية الأساسية للألياف البصرية، بالإضافة إلى تحديث 60 موقعا تابعا لشركات الاتصال المحلية.
وتبلغ الكلفة الإجمالية للمشروع 797 مليون أوقية جديدة، بتمويل من صندوق النفاذ الشامل للخدمات وشركة هواوي العالمية، وبمراقبة ومتابعة سلطة التنظيم وبإشراف من إدارة البنى التحتية لإدارة التحول الرقمي في وزارة التحول الرقمي والابتكار وعصرنة الإدارة.
وكان البنك الدولي قد أشار في تقرير نشره في ديسمبر 2022 إلى أن موريتانيا لا تتمتع إلا بإمكانية محدودة للربط الدولي. ولذلك كانت خدمات الإنترنت مرتفعة الكلفة ومنخفضة الجودة. وفي ديسمبر 2012، عندما بدأ تنفيذ مشروع البرنامج الإقليمي للبنية التحتية للاتصالات في غرب أفريقيا، كانت نسبة انتشار خدمات النطاق العريض للهواتف المحمولة 3 في المئة فقط. وفي الواقع كانت هناك عدة مناطق في البلاد محرومة من خدمات الهاتف والإنترنت. وكان من الضروري تدعيم القدرات التنظيمية والمؤسسية للبلاد لتلبية المتطلبات التي يفرضها تنامي سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وعلاوة على ذلك كانت استثمارات مشغلي الاتصالات السلكية واللاسلكية ومقدمي خدمات الإنترنت محدودة للغاية. لذلك كان الهدف من البرنامج زيادة النطاق الجغرافي لشبكات النطاق العريض، مع خفض تكاليف خدمات الاتصالات.
البنك الدولي يصنف موريتانيا ضمن الدول الأقل تطورا، حيث تحتل المرتبة 160 من أصل 189 دولة، حسب الترتيب العام المعتمد على مؤشر النمو البشري
واستهدف المشروع زيادة النطاق الجغرافي لشبكات النطاق العريض، فضلا عن خفض كلفة خدمات الاتصالات في غرب أفريقيا. وتحقق هذا الهدف من خلال نشر نحو 1700 كيلومتر من كابلات الألياف البصرية، مما سمح لخدمات النطاق العريض بالوصول إلى فئة السكان ممن لم تكن لديهم خدمات كافية في السابق و/أو ممن حُرموا من تغطية خدمات النطاق العريض بشكل كامل. وبالإضافة إلى ذلك، فقد سمح المشروع بتوزيع السعة الدولية للكابل البحري الممتد من ساحل أفريقيا حتى أوروبا على سكان البلاد، وأتاح في الوقت نفسه إمكانية الوصول العادل والتنافسي إلى خدمات البنية التحتية.
وتعاني موريتانيا من محدودية في خدمات الاتصالات الدولية، وهو ما يفسر الكلفة المرتفعة لخدمات الإنترنت وانخفاض جودتها، كما أن معدل انتشار إنترنت النطاق العريض لا يتجاوز 3 في المئة، وتبلغ نسبة مستخدمي الإنترنت في البلاد 41 في المئة.
وأوضح علي سوماري وكيل وزارة التحول الرقمي أن الوزارة تعطي أهمية خاصة لاستخدام التكنولوجيا الرقمية من أجل تحسين خدماتها التجارية وذلك لدمجها واستخدام الذكاء الاصطناعي لتكون أكثر استجابة ودقة وفاعلية، وأكد أن موريتانيا صادقت على خارطة عمل طموحة للتحول الرقمي تهدف إلى مضاعفة الإنترنت ومقياس قطاع التحول الرقمي بالإضافة إلى مضاعفة نسبة التشغيل واستخدام الدفع عن طريق الموبايل.
وتسعى السلطات الموريتانية إلى أن تتناغم الإستراتيجية المزمعة للتحول الرقمي مع إستراتيجية التحول الرقمي لأفريقيا (2020 – 2030) والتي أطلقها الاتحاد الأفريقي.
وكشف وزير التحول الرقمي أن الإستراتيجية ستتمحور حول هدف رئيسي يتلخص في أنه “بحلول سنة 2030 سيكون قد تم التمكين الرقمي لجميع المواطنين الموريتانيين المقيمين على كافة التراب الوطني، بجعلهم قادرين على النفاذ الآمن إلى الإنترنت، في أي ساعة يشاؤون، بسرعة لا تقل عن 6 ميجا بايت للثانية، بتكلفة لا تتجاوز 1/100 دولار للميجا أوكتيت، باستخدام جهاز ذكي مصنوع في القارة الأفريقية، تم اقتناؤه بثمن لا يزيد على 100 دولار أميركي، للاستفادة من جميع الخدمات والمحتويات الرقمية
صحيفة العرب