هكذا عنون الراحل المختار ولد داداه مذكراته ، حين تحدث عن فترة التأسيس و التحديات التي واجهت ذلك الجيل المؤسس
لكن معظم تلك التحديات مازالت قائمة حتى اليوم ، بل تضاعفت التحديات و تنوعت بفعل سياسة أنظمة الفشل المتعاقبة ، و حجم إنتشار الفساد داخل أجهزة الدولة ، حتى أصبح أكبر يهدد كيان الدولة الموريتانية و إستمرارها
من أبرز التحديات التي نواجهها اليوم هو التحدي الأمني ، في ظل التغيرات الكبيرة التي حدثت في دول الساحل ، و التي تحولت من دول تابعة للهيمنة الأوروبية في نسختها الفرنسية ، إلى أنظمة مناهضة بل معادية لمصالح فرنسا و دول أوروبا بصفة عامة ، معتمدة في ذلك على شراكة قوية مع الدب الروسي الذي يسعى هو الآخر إلى التواجد في منطقة الساحل ، التي تحولت في الفترة الأخيرة إلى محطة للصراع نتيجة الثروات و الموقع و الإكتشافات في مجالات المعادن و الطاقة
هذه الحالة جعلت من موريتانيا الشريك الاستراتيجي لأوروبا بالمنطقة ، و هذا ما يفسر حجم و وتيرة زيارات القادة السياسين و الأمنيين الأوروبيين خلال الفترة الأخيرة ، و كذلك عدد إتفاقيات التعاون و الشراكة التي تم توقيعها مؤخرا في مجالات مختلف ، كان آخرها مجال الهجرة و الإرهاب و التي أثارت نقاش وطنيا و إقليميا حول طبيعة ما تم الإتفاق عليه ، يحدث وسط أزمة سياسية خانقة تمر بها الجارة السينغال ، التي يبدوا أنها هي الأخرى لم تعد بذلك التناغم السياسي و الدبلوماسي مع الحليف التقليدي فرنسا ،نتيجة لدخول لاعبيين جدد أستشمروا أموال كبيرة جدا في مشاريع كبيرة ، مثل تركيا و الإمارات و إيران و قطر و بعضهم أستطاع ربط الصلة بأحزاب و تيارات سياسية ذات تأثير قوي في الشارع السينغالي
أما دول المغرب العربي فحالها هي الأخرى غير مستقر و يشهد تصعيد ملاحظ بين الجزائر و المغرب ، خصوصا بعد تطبيع المملكة المغربية مع إسرائيل و تزايد وتيرة التعاون العسكري و الإقتصادي بين الجانبين ، أما ليبيا مازالت تعيش على وقع الحرب الأهلية نتيجة لتعدد الأطراف الدولية هناك و تعارض مصالحها ، في الوقت الذي تعيش فيه تونس حالة سياسية لم تشهدها البلاد من قبل و قابل للإنفجار أي وقت بفعل الحالة الإقتصادية نتيجة لسياسات قيس سعيد
يحدث كل هذا و نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يعيش هو الآخر على صراع أجنحة قوي و معطل ، أخطره الصراع الذي تعيشه المؤسسة العسكرية ، كان آخر تمظهراته تسريب وثيقة عسكرية من المنطقة العسكرية السادسة
ولد الغزواني بدأ يفقد السيطرة تدريجيا على هذه الصراعات ، و ذلك غير مستغرب نتيجة لسياسة التهدئة و عدم الحسم في القضايا التي أنتهجها منذ وصوله إلى السلطة
الآن من المتوقع أن يعلن الرجل ترشحه لمأمورية ثانية ، و كل التقارير الأمنية و الاستخباراتية التي وصلته ، تتحدث عن فشل كبير في تنفيذ معظم تعهداته التي وردت في برنامجه الإنتخابي تعهداتي ، بالإضافة إلى تدني الظروف المعيشية للمواطن بسبب مستوى إرتفاع أسعار المواد و تدني مستوى دخل الفرد ، و ما شهدت البلاد من نزيف هجرة سلبية لم تعرفها منذ قبل ...
رغم ذلك سيحظى الرجل بمأمورية ثانية بفضل اللجنة الطائعية للانتخابات و تطبيقها النفاخ ، لكن من المؤكد أنها ستكون مأمورية ساخنة و مغايرة تماما للسابقة ، رغم محاولة تدارك ذلك من خلال ما سيتم الإعلان عنه بعد أيام في الحوار السياسي الناتج عن صفقة الميثاق الجمهوري ، لكن لن يكلل بالنجاح نتيجة لتغيب الكتلة الكبيرة من الفاعليين السياسيين ، و كذلك صعوبة تأمين ورقة الخروج الآمن من السلطة بعد ما حدث مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز
إن محاولة قراءة المشهد السياسي الداخلي و متابعة مسار الأحداث في منطقة الساحل و باقي دول الجوار ، يعطي للمتابع حجم التحديات التي تواجهها موريتانيا و هي تتنظر تصدير اول شحنة من الغاز و هي بذلك تفح باب جديد من منافسة دول كانت تسيطر في المجال ..........
حفظ الله موريتانيا الحبيبة و رزقها قيادة وطنية مخلصة ترعى مصالح هذا الشعب الطيب و المسالم