دخل الرأي العام الموريتاني في حالة انشغال بالتغير المفاجئ في لهجة بيرام ولد الداه اعبيد قائد الحراك الرافض لنتائج الانتخابات، وذلك بعد انتقل في آخر تصريحاته من خطاب التصعيد والتهديد إلى خطاب تصالحي أكثر سلمية من ذي قبل.
وأكد في تصريحات له أمس الجمعة “أن النظام الحاكم هو من خلق هذه الأزمة، وأن الرئيس محمد ولد الغزواني هو من قام بحلها ونزع فتيلها بعد قدومه مساء أمس من سفره إلى سويسرا، حيث أمر مساعديه في الداخلية والأمن قائلا: “امنحوا هؤلاء حقهم في التظاهر”.
وقال: “لم أكن أرغب في النزول للشارع، لأن نزولي للشارع ثقيل على موريتانيا وأمنها ومكلف لها”، مضيفاً “أن الأمن قضية منافعها مشتركة بين الجميع”.
ودعا ولد اعبيد “السياسيين بمن فيهم حزب الإنصاف الحاكم إلى تسوية المشكلة القائمة بينهم مع حراكه بعيداً عن الأمن، وبعيداً عن إقحام الدرك والجيش والحرس”، مؤكداً “أنه ينبغي أن يمتلك هؤلاء من قوة الضمير ما يجعلهم يسوون المشاكل السياسية بعيداً عن قوى الأمن”.
وأوضح أن ولد الغزواني “نزع فتيل هذه الأزمة”، معرباً عن أمله في يكون ذلك النزع حلاً دائماً، وأن يستمر بسهولة منح التراخيص للأنشطة السياسية التي تنظمها الأحزاب”.
وأكد قائد الحراك الرافض للانتخابات “أن مهرجانهم لن يُنظموه إلا في المطار القديم”، مستغرباً من “قيام حزب الإنصاف وحده بتنظيم مهرجاناته في ساحة المطار، في الوقت نفسه الذي تمنع فيه الأحزاب الأخرى من ذلك”.
وتحدث ولد اعبيد بإسهاب عن وطنيته وحرصه على أمن موريتانيا، وقال: “أتحدى مخابرات الدولة ورجال أمنها بأن يكشفوا عن أي ذرة من عداوتي لموريتانيا وللموريتانيين؛ وأنا أدعو قوى الأمن والقوات المسلحة إلى تفهمنا، والابتعاد عن الطبخات الكاذبة والفاشلة التي تعدها الأنظمة”، حسب تعبيره.
ومع هذه اللهجة التصالحية، فقد جدد ولد اعبيد “تمسكه بموقفه الرافض لنتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وبطلبه التحقيق فيما أكد أنه “القتل العمد الذي تعرض له الشباب بمدينة كيهيدي، وبالاعتقال التعسفي الذي تعرض له مئات المتظاهرين السلميين خلال الأحداث الأخيرة”.
وتطرق ولد اعبيد في تصريحاته لما سماه “ورقة سياسية لعب عليها النظام في الأحداث الأخيرة دون أن يكون لديه دليل عليها، مفادها أن بيرام تصحبه في حراكه السياسي مجموعة عنصرية”.
ويشير فيما ذكره هنا، إلى الانتقادات الموجهة إليه بخصوص تحالفه مع قادة في حركة “أفلام” الزنجية التي تدعو لانفصال جنوب موريتانيا.
وخلص ولد اعبيد إلى أن “ما تعيشه موريتانيا الآن هو أزمة حقيقية”، متهماً الموالاة بأنها “هي من مهدت لهذه الأزمة وخلقتها وأوصلتها إلى ما هي عليه”.
هذا، وكان للساسة والمدونين انشغالهم بمتابعة تطورات أزمة رفض نتائج الانتخابات وما تلاها من أحداث وتجاذبات. وفي هذا الإطار، كتب الإعلامي محمدي موسى “أن بيرام الداه اعبيد ملاعب للأسنة، فهو يعيش كتمثال حرية آدمي؛ صامد كجذع شجرة رطب، ينثني دون انكسار، ويطوع مواقفه بناء على رغبته ورغبة بيته وشعبه؛ يسير بين قوة العزم ولين الحاجة، أخرجوه كمارد من قمقمه ورشحوه فلعب بهم، وعاد للواجهة السياسة”.
وأضاف: “يعيش بيرام كفارس قيس يسطو على مبارزيه ويسقطهم، وحين يقترب من الموت السياسي تنتفخ رئتاه وتجحظ عيناه ويعود للحياة كما عاد “جون سنو” عن طريق الساحرة الحمراء؛ يعود ويبدأ الشارع في الهتاف: بيرام.. بيرام”.
وخاطب محمدي موسى الرئيس الغزواني قائلاً: “لقد مل الشعب لعبة القط والفأر بينك وبيرام، فالشعب أنهكه الغلاء ولم يعد يهتم بالنتائج ولا بالتنصيب ولا الحكومة.. غلاء في كل سلعة يتحكم فيها أباطرة أمِنوا العقاب بعد أن أمَنوا حملتك الانتخابية مادياً، وتكدست مليارات الشعب في رقم حساب حملتك الخاص المشفر والغامض”.
أما المدون البارز حبيب الله أحمد، فقد علق على تغير لهجة النائب المعارض بيرام اعبيد قائلاً: “عندما يقول بيرام إن رئيس الجمهورية الغزواني أنهى الأزمة، فإن ذلك اعتراف واضح، تصريحاً لا تلميحاً، بنتائج الانتخابات ويتضح منه أيضاً أنه لا داعي لمهرجان بيرام الخطابي المرتقب مساء الأحد القادم”. وقال: “بيرام هو أكثر الموريتانيين فهماً للأوضاع المحلية، وأكثرهم قدرة على استيعابها واستغلالها أيضاً”