من تحولت الحالة الصحية للرئيس الموريتاني السابق محمد ولد العزيز التي يعتبرها محاموه ومن ورائهم عائلته «متدهورة وخطيرة ومهددة لحياته، وتتطلب رفعه للعلاج في مصحات خارجية» إلى ورطة مُحرجة للسلطات القضائية الموريتانية الموجودة أمام ما يعتبره المحامون «حالة إنسانية» والمتحفظة في الوقت نفسه على سفر الرئيس السابق قبل انتهاء محكومية سجنه البالغة خمس سنوات تنفيذا للحكم القضائي الصادر بحقه.
ويتهم محامو الرئيس السابق السلطات بـ «السعي لتصفية موكلهم عبر التلكؤ في السماح بعلاجه في الخارج» ويمارسون بشتى الطرق ضغوطهم على السلطات للسماح برفعه لمصحات فرنسية متخصصة للعلاج من مرض القلب ومن آلام في ركبته ناجمة عن تعرضه لإطلاق النار قبل سنوات، وهو ما لم يؤكد ضرورته واستعجاله الأطباء الذين أجروا له فحوصا شاملة قبل أسبوع.
وتؤكد وزارة العدل الموريتانية، وفقاً لما نقلته عنها المصادر، اهتمامها الكبير بصحة الرئيس السابق، واتخاذها جميع الإجراءات اللازمة لعلاجه، حيث كلفت -حسب تأكيداتها- الدكتور أحمد أب، مدير مركز أمراض القلب في نواكشوط، بمتابعة الحالة الصحية للرئيس السابق، وهو طبيب أكدت الوزارة «أنه يتمتع بكفاءة علمية وأخلاقية عالية، وأن الرئيس السابق زكاه هو نفسه واختاره منذ سنوات لتولي متابعة ملفه الصحي».
وأكد وزير العدل الموريتاني عبد الله بن بيه، أن «السلطات العمومية لم تعرقل أي إجراء يتعلق بصحة الرئيس السابق، بل على العكس من ذلك سعت وتسعى دوما لتوفير كل الظروف المناسبة لإتمام ذلك بسرعة».
وجاء هذا التأكيد خلال اجتماع عقد الأربعاء الماضي، بين وزير العدل محمد محمود ولد بيه، والمدعي العام لدى محكمة الاستئناف، ومدير السجون، والطبيب أحمد ولد اب، ومحمد ولد إشدو منسق دفاع الرئيس السابق.
ونُقِل عن الدكتور ولد أب قوله: «إنه يتابع بشكل منتظم الحالة الصحية للرئيس السابق، وإنه يجري له فحوصا عامة كل ثلاثة أشهر موثقة في تقرير طبي يسلم للرئيس السابق»؛ مضيفاً «أن آخر لقاء جمعهما كان الأسبوع الماضي، حيث أجرى للرئيس السابق فحوصا شاملة، رفقة طبيب مختص في جراحة العظام عاين ركبته، وإنهما سيعدان «تقريراً عاجلاً في الوضع الصحي للرئيس السابق».
لكن محامي الرئيس السابق تحدث خلال الاجتماع عما سماه «أمراضا متنوعة خطيرة قد لا تظهر كلها للطبيب» داعيا إلى «علاج موكله خارج موريتانيا، أو منحه إفراجا مؤقتا ليتولى ذلك بنفسه».
لكن وزير العدل اعترض على ما قاله محامي الرئيس السابق، مؤكدا له خلال الاجتماع «أن الأطباء المؤتمنين على مهنتهم، هم وحدهم من يحق لهم اتخاذ القرار بشأن صحة وعلاج الرئيس السابق».
وكان ولد أشدو، محامي الرئيس السابق، قد أكد في تصريحات سابقة للصحافة «أن خلاصة اجتماعه مع وزير العدل هو التزام الدكتور ولد أب بإعداد تقرير طبي تحت القسم، يُحَكِّمُ فيه ضميره المهني والديني».
وفي السياق نفسه، أكدت هيئة الدفاع عن الرئيس السابق «أنها وجهت رسالة عاجلة لوزير العدل يوم 22 تموز/يوليو الجاري حول الحالة الصحية الحرجة لموكلهم، تضمنت -حسب قولهم- قضيتين جوهريتين؛ أولاهما ما أكده فريق من الأطباء الفرنسيين في مجمع Val d’or الصحي الفرنسي الذين «طالبوا بالتحاق ولد عبد العزيز بهم لمتابعة علاجه في أقرب الآجال، وأن أي تأخير في خضوعه لإشرافهم الطبي المباشر سيؤثر على صحته».
أما القضية الثانية، تضيف هيئة الدفاع، فهي «ضرورة إجراء عملية معقدة ومستعجلة لركبة الرئيس السابق من طرف جهة طبية فرنسية».
وإلى جانب هذا الجدل المشتعل، تتحدث بعض التحليلات عن «التخوف من مساعٍ يدبرها الرئيس السابق لاستغلال حالته الصحية من أجل الخروج عن موريتانيا لا للعلاج وحده، وإنما ليكون ذلك باباً لتحرره وتفرغه لممارسة السياسة التي يصر عليها منذ تسليمه للسلطة عام 2019، وللظهور في الساحة الدولية معارضاً شرساً أشد مما كان، لنظام الرئيس الغزواني، مستخدماً خبراته وعلاقاته وأمواله الطائلة».