يسيء إلى الإسلام والمسلمين أن يُوصف المدعو طارق رمضان بـ«المفكر الإسلامي البارز»، في خبر إلقاء القبض عليه في فرنسا، الذي تناقلته صحف ووكالات أنباء غربية أو عربية، على ذمة اتهام سيدتين له، منذ شهور، بالاعتداء عليهما، واغتصابهما، وتهديدهما بالقتل.
وكالة الأنباء الفرنسية، مثلًا، استخدمت تلك الصفة وهي تنقل عن مصدر قضائي، أن المذكور تم استدعاؤه إلى مركز شرطة في العاصمة الفرنسية، باريس، للتحقيق معه، قبل أن يتم اعتقاله في التحقيق المبدئي «بشأن ادعاءات بالاغتصاب والاعتداء». وعن الوكالة، هيئة الإذاعة البريطانية، BBC، وغيرها وغيرها، نقلت الخبر و«الصفة»، وتعددت التقارير التي أعادت التذكير بتفاصيل الفضيحة أو الجرائم التي ارتكبها القيادي في جماعة الإخوان، وحفيد حسن البنا، الذي يُقال إنه مؤسس الجماعة، مع أنه لم يكن إلا مجرد «ستار» للمؤسس الفعلي، «فريا ستارك»، رجل المخابرات البريطانية.
لو فاتتك متابعة مسلسل الفضائح من أوله، فإن إحدى السيدتين، واسمها هند العياري (٤٠ سنة)، اتهمت المذكور، في أكتوبر الماضي، باغتصابها والاعتداء الجنسي عليها، وتهديدها بالقتل. وقالت في حوار مع التليفزيون الفرنسي إنها ذهبت إليه في أحد فنادق العاصمة الفرنسية لتوجيه بعض الأسئلة له بشأن الإسلام، وأضافت: «لقد وثب عليّ مثل وحش». وفي كتابها «اخترت أن أكون حرة»، كانت «العياري» قد ذكرت أن شخصًا اسمه «الزبير»، قام باغتصابها وأنها حين صرخت في وجهه طالبة منه أن يتوقف، شتمها وصفعها وضربها. ثم كتبت في حسابها على «فيسبوك» أنها لم تكشف، في الكتاب، اسم المعتدي عليها بسبب «التهديدات التي وجهها إليها»، وتابعت: «أؤكد اليوم أن الزبير ليس سوى طارق رمضان».
كعادة المنتمين إلى جماعة الإخوان، زعم المذكور، في حسابه الشخصي على «فيسبوك»، أنه يواجه «حملة منظمة للافتراء عليه، وتشويه سمعته». ثم ادّعى محاميه، في بيان، أنه بصدد إقامة دعوى قضائية ضد السيدتين، لكننا لم نسمع أو نقرأ شيئًا عن تلك الدعوى وسمعنا وقرأنا أشياءً عن فضائح أخرى واتهامات جديدة لأستاذ الدراسات الإسلامية المعاصرة في كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد البريطانية، الذي يعمل أيضًا أستاذًا زائرًا بكلية الدراسات الإسلامية بقطر، ويرأس «مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق» في تلك الإمارة. وضَعْ ما شئت من الخطوط تحت كلمة «الأخلاق»، قبل أن تنتقل إلى الفقرة التالية!.
لم تمض أيام على اتهامات «العياري»، إلا وظهرت ٤ سويسريات، في ٤ نوفمبر الماضي، يتهمن أيضًا «حفيد البنا» بالاعتداء الجنسي عليهن، عندما كان يقوم بتدريس اللغة الفرنسية والفلسفة في المدرستين الثانويتين كودريي وسوسور. وذكر تقرير نشرته جريدة «تريبيون دي جنيف» إن إحداهن كانت طفلة في الرابعة عشرة، بينما تراوحت أعمار الثلاث الأخريات بين ١٥ و١٨ سنة. والأربعة قلن إن المذكور «استغل سلطته المعنوية باعتبار كونه مدرسًا لهن». ووافقن على تقديم شهاداتهن تضامنًا مع الضحايا اللائي اتهمن المذكور صراحة، بالتحرش بهن واغتصابهن. كما ذكرت الجريدة أن ستيفان لاثيون أحد أبرز المقربين من رمضان، استنكر أفعاله.
بتوالي الفضائح، اضطر المذكور إلى الحصول على إجازة «إجبارية» من جامعة أوكسفورد، وفي بيان أوضحت الجامعة البريطانية، في بيانه أصدرته ٧ نوفمبر الماضي، أن الإجازة «متفق عليها» ولا تعني وجود افتراضات مسبقة أو اعتراف بالذنب وتسمح للأستاذ رمضان بالتعامل مع الاتهامات الجدية للغاية الموجهة إليه التي نفاها جميعها بشكل قاطع». غير أن «أوكسفورد» أشارت أيضًا إلى أن الاتهامات سببت «ألمًا كبيرًا ومفهومًا»، وأكدت أن هدفها الأساسي هو «سلامة طلابها وموظفيها».
يرأس المذكور، كما أشرنا، «مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق» في إمارة قطر. وبأموال قطر، تم تصنيفه «ثامن أعظم مفكري العالم»، ووصفته جريدة الـ«تايمز» البريطانية بأنه «المجدد الأكثر أهمية في القرن الـ٢١»، ومنحته الـ«واشنطن بوست» الأمريكية لقب «مارتن لوثر الإسلام». ومع ذلك، نقلت جريدة «لوبوان» الفرنسية، في ٢٩ يناير، عن مصدر لم تذكر اسمه أن المذكور بات شخصًا غير مرغوب فيه في دولة قطر، حتى «لا يسيء إلى صورة الدوحة». وكرر تلك «النكتة» أنطونيو امينيرا، المسئول عن موقع Worldnewsmedias، الذي زعم أن رمضان تلقى نصيحة بعدم الذهاب إلى الإمارة، تجنبًا لحدوث «مشكلات كبيرة». ومِن النكات أيضًا، أن المذكور كان ممنوعًا من دخول الولايات المتحدة للاشتباه في دعمه للإرهاب، حين قررت الحكومة البريطانية بعد هجمات لندن سنة ٢٠٠٥، اللجوء إلى استشاراته في علاقاتها مع الجالية الإسلامية!.
والدة المذكور هي وفاء البنا، ابنة مؤسس تنظيم الإخوان، بالوكالة، ووالده هو سعيد رمضان الذي كان قياديًا في الجماعة وهاجر برفقة عائلته إلى سويسرا سنة ١٩٥٤. ومع ذلك، وكعادة الإخوان، كان يدّعي الاستقلالية ويزعم أنه لا ينتمي إلى الجماعة، لكن أنطوان صفير، مؤسس «كراسات الشرق»، Cahiers de l’Orient، أكد في ٢٩ ديسمبر ٢٠٠٣، أن المذكور «دون أدنى شك، إحدى الشخصيات الرئيسية في تنظيم الإخوان. واستشهد بأن الصحفي الفرنسي ريتشارد ليفيرفيه، كان قد أجرى حوارًا بالقاهرة، في أبريل ١٩٩٨، مع مصطفى مشهور، مرشد الجماعة وقتها، وسأله عن طارق رمضان، فقال إنه وشقيقه الأكبر، هاني، من أعضاء الجماعة المخلصين.
أوجز فأكرر أن الإسلام بريء من «حفيد البنا» وأمثاله وأن وصفه بأنه «مفكر إسلامي بارز» يسيء إلى الإسلام والمسلمين، ليس فقط بسبب الجرائم البشعة التي احتجزته السلطات الفرنسية على ذمتها، ولكن أيضًا لانتمائه إلى تنظيم إرهابي يضم من ثبت مرارًا وتكرارًا أنهم ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين.
dostor.org