الكثير من الصور التي يتم تداولها عبر مواقع ومنصات التواصل الإجتماعي، تثير دهشتنا وإعجابنا، بدون أن نعرف القصة من ورائها، أو ماذا حدث لأصحابها قبل وبعد أن تنتشر هذه الصور، فنمر عليها مرور الكرام، بعد أن نترك إعجاباً "لايك" أو تعليقاً "كومنت" عليها، وننشغل نحن في شؤوننا الخاصة.
وفي الآونة الأخيرة، انتشرت صورة لشابة أفغانية، تفترش الأرض وهي تقوم بإرضاع طفلها وإتمام دراستها بالوقت نفسه، الأمر الذي أثار دهشة الآلاف على مواقع التواصل الإجتماعي، ممن أعجبوا بها، ونسجوا في مخيلاتهم قصصهم الخاصة حولها، وحول التحديات التي تواجهها، وشجاعتها بأن لا تستسلم أمام هذه التحديات التي من المؤكد أنها في غاية الصعوبة.
وبعد انتشار هذه الصورة بشكل واسع، تمكن العديد من الأشخاص من معرفة قصتها الحقيقية، ومعرفة هويتها أيضاً، فهي شابة من أفغانستان تدعى "جهان تاب"، وتبلغ من العمر 22 عاماً، تنحدر من ولاية "دايكندي" الأفغانية، وكانت قد التُقطت هذه الصورة لها، وهي تؤدي اختبار القبول في تخصص العلوم الاجتماعية في جامعة خاصة بمدينة "كابل"، بينما كانت في الوقت نفسه وخلال تقديمها الإختبار، تقوم بالإهتمام برضيعها.
ونقلت عدد من مواقع التواصل الإجتماعي سبب جلوسها على الأرض، بأن "تاب" خلال تقديمها لهذا الإمتحان، بدأ رضيعها بالبكاء، فاختارت الجلوس على الأرض حتى تقوم بإرضاعه وتهدئته، بينما واصلت خلال ذلك تقديمها للإمتحان الذي بين يديها، أما عن الخبر السار الذي عقب تلك الصور، هو أنَّ "جهان تاب"، تمكنت من النجاح في الامتحان، وحصلت على علامة 152 درجة.
أما عن الشخص الذي التقط هذه الصور لـ"جهان تاب"، فكان المراقب على الإختبار الذي أقيم خلال الأسبوع الماضي، ويدعى "يحيى عرفان"، الذي صرح لموقع "باز فيد" الأمريكي، بأن "تاب" كانت مذهلة فيما فعلته، وأنه شعر برغبة كبيرة بالتقاط هذه الصور لها، حيث أكد عرفان بأنها نالت إعجاب وتعاطف جميع الطلبة الذين قدموا الإختبار معها.
وحول هوية وأوضاع "جهان تاب"، أكد عرفان بأنها فتاة من عائلة فقيرة، تعيش بقريو نائية وبعيدة تدعى "أوشتو" في أعالي جبال أفغانستان، حيث لا يوجد في قريتها أي طريق للسيارات والمركبات، ما يعد أمراً شاقاً عليها خلال رحلتها في الذهاب والإياب التي تستغرق في كل مرة 10 ساعات متواصلة وكاملة، وأكد عرفان، أن "تاب" قلقة للغاية بما يخص مستقبلها الدراسي بسبب هذه الظروف التي تعيشها، تحديداً رحلتها اليومية من وإلى المدرسة، كما لفت أنها بعد الانتهاء من الامتحان، اجتمعت بمدير المدرسة، لمناقشة أمر التكفل بالمصاريف، لأنَّها تخشى عدم قدرتها على تحمل رسوم الدراسة.
وأثارت جهان تاب بعد انتشار صورها على نطاق واسع في البلاد، الكثير من مشاعر الإعجاب والتقدير لنضالها وشجاعتها، حيث كتبت إحدى رواد موقع تويتر وتدعى "شهرزاد أكبر" عن صور تاب: "صورة ملهمة من الشبكات الاجتماعية، هذه الأم تؤدي اختبار القبول بالجامعة بينما تهتم بطفلها في دايكندي! السيدات الأفغانية لا يُقهرن".
وكتب زكريا حساني في حسابه على "تويتر": "هذه الصورة تجعلنا نشعر بشعور أفضل، حتى نقول لا للجهل، هذه السيدة في ولاية دايكندي بوسط أفغانستان كانت تحتضن رضيعها بينما تؤدي امتحان "كانكور" للالتحاق بالجامعة وإحداث تغييراتٍ إيجابية في حياة عائلتها".
ولم يتوقف الأمر لدى رواد التواصل الإجتماعي عند الإشادة والإعجاب بـ"حهان تاب"، حيث عرض الكثير منهم المساعدة، والطلب ممن يستطيعون تقديم المساعدة لتاب أن يفعلوا ذلك لأنها تستحقها، وفي ذلك كتب "ذكي داريابي" عبر تويتر: "هذه جهان تاب، من قرية أوشتو بولاية دايكندي، وهي عبارة عن قرية فقيرة لا توجد بها طرق للسيارات. نجحت في اختبار "كانكور" وحصلت على 152 درجة، ستدرس علم الاجتماع بجامعة خاصة، ولكنَّها ليست متأكدة مما إذا كانت قادرة على توفير 10-12 ألف أفغاني (عملة أفغانستان) كرسوم للجامعة كل فصل دراسي".
أما "مرجان أسد الله" فقال في حسابها على تويتر: "هل هناك طريقة يمكن للأشخاص من خلالها تقديم المساعدة، إضافةً إلى صفحات موقع GoFundM؟ ربما يجب على الأندية الأفغانية بالجامعات التعاون والمساعدة في دفع رسوم #جهان تاب. إلى أين ستذهب كل الدولارات المدفوعة لتلك السيدة الرائعة؟".
وعقب هذه الحملة التي تم إطلاقها لمساعدة "جهان تاب" عبر مواقع التواصل الإجتماعي، قامت جمعية "الشباب الأفغاني" الخيرية في المملكة المتحدة، بإطلاق حملة على موقع التمويل "غو فاند مي GoFundMe"، وصرحت بأنَّ الأموال التي سوف يتم جمعها، ستُمنح لصالح "تاب" شخصياً، حتى تتمكن من إكمال دراستها الجامعية.
سمات
sayidaty.net