بقدر ما يستعصي بل يستحيل احيانا للرؤساء، رغم شعبيتهم الكبيرة و انجازاتهم العملاقة، ان يظلوا في سدة الحكم، ما داموا مقتدرين علي تسيير الشأن السياسي، فأن من غير المؤكد ايضا ان يجدوا الخليفة الوفي والمخلص الذي قد يخفف عليهم من عناء وتبعيات التخلي عن السلطة و الامتثال ولو نسبيا بأوامرهم ولو كانوا هم من اوصلوهم الي القصر الرئاسي.
وهنا، حبذا لو تأملنا جليا الدروس المستخلصة من حالة مشابهة وواقعية حدث في دولة السنغال الشقيقة المجاورة وذلك باستحضار معاملة الرئيس عبدو اضيوف مع صانعه ليوبولد سيدار سنغور، الذي انتخب في الخامس من سبتمبر 1960 رئيسا لجمهورية السنغال.
ومضت 3 عقود بعد ذلك علي رئاسة سنغور لبلاده، وواجه فيها عدة معارك إيديولوجية وسياسية.
مما جعله يضطر في ترتيب خلافته وهو القائد الذي اشتهر بدهائه وحتي بتعاطيه المفرط للسحر و الشعوذة.
وقد وقع اختياره علي عبدو ضيوف الذي كان يعود كل مشوراه المتألق الي سدار، حيث واصل تعينه وترقيته طيلة حكمه في شتي الوظائف الحساسة و السيادية قبل ان يعينه رئيسا للحكومة.
وفي 31 ديسمبر سنة 1980، قدم سدار استقالته من رئاسة الجمهورية وسلم المشعل لاضيوف بعد أن أمضي أربع مأموريات على رأس جمهورية السينغال.
وتقول العبرة ان سينغور غادر الي فرنسا بعد ذلك وحين أراد العودة الي موطنه، ارسل عبدو اضيوف طائرة خاصة لنقله.
وبعد فترة أراد سدار الرجوع الي باريس وكان علي حسن ظن من الشخصية التي صنعها بصبر وقوة حتي اخلفته في كرسيه.
الا ان اضيوف ارسل تذاكر جوية الدرجة الاولي لسدار مثيرا اسياء صانعه الذي اخبره انه قادر علي حجزها علي حسابه الخاص، مغادرا بلده الي الابد ومتأسفا لنكران الجميل لمن بذل من اجله الغالي والنفيس ليخلفه علي رأس الدولة، متوعدا ان لا يطأ من بعد بلده الذي افني كل حياته من اجل ازدهاره وتقدمه.
وقد رحل سينغور عن سن تناهز الخامسة والتسعين
وهنا وجب طرح السؤال عن ما اذا كان اختيار الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز لمن سيخلفه بعد تخليه عن السلطة سيكون صائبا علي عكس سينغور ام ان كرسي الرئاسة لايعرف الجميل و الوفاء، متنبئا دائما لتاركه بالعصيان و الثوران، بل احري من ذلك المتابعة و المضايقات في الداخل وفي الخارج