ما هدف الحملة الفرنسية على الأئمة المسلمين؟

جمعة, 09/09/2022 - 11:18

أعلن وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، عن إعداد السلطات لقائمة تضم قرابة مئة إمام وداعية ومشرف على جمعيات إسلامية، تعتزم فرنسا طردهم، بمن فيهم أحمد جاب الله، الرئيس السابق لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، والذي وصفه موقع «ميديابارت» الفرنسي بـ«الحليف التاريخي لوزارة الداخلية» والمعروف بتأييده لماكرون ومطالبته المسلمين بالتصويت له!

شكّل حكم المحكمة سابقة تاريخية لأنه يسمح بطرد أشخاص بناء على تصنيف وزارة الداخلية لهم سياسيا، حتى لو كان الشخص مولودا في فرنسا ومتزوجا فيها ولديه أطفال وأملاك.
يبدو الحكم منافيا لأبسط حقوق الإنسان، ناهيك عن كونه يظهر السلطات القضائية بوضعية التواطؤ مع السلطات التنفيذية، وتنفيذ رغباتها، ما دام الأمر يتعلّق بأقليات فرنسية إسلامية، أو مواطنين من دول عربية.
لا يمكن، في هذا السياق، استبعاد الحوافز الانتخابية التقليدية لدى من يتولون منصب وزير الداخلية، لإرضاء اليمين العنصريّ الفرنسي، كما لا يمكن استبعاد تأثيرات لدول عربية جعلت أهم بنود أجنداتها الخارجية الاستثمار في قضية العداء لـ«الإسلام السياسي» والتحالف مع اليمين الأوروبي ضد الأقليات المسلمة.

يمكن القول إن العداء للأقليات الإسلامية والعرقية صار جزءا لا يتجزأ من المنظومة السياسية الفرنسية، وبالخصوص ضمن أجهزة وزارة الداخلية الفرنسية، ولا يشذ جيرالد دارمانان عن هذا التقليد الشهير، الذي كان الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي أحد رموزه البارزين، وأحد الذين أثبتوا أن هذا الاستثمار السياسي بالتمييز العنصري ضد المسلمين خصوصا، والأقليات عموما، هو أحد العناصر المجزية في صناديق الانتخابات.
جدير بالذكر أن ساركوزي، حين كان وزير داخلية، كان قد أشرف على إنشاء «المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية» فيما كان دارمانان، هو الذي أعلن، في 12 كانون أول/ديسمبر الماضي أن تلك الهيئة الممثلة للدين الإسلامي «ميتة» وأن المجلس «لم يعد بالنسبة للسلطات هو محاور الجمهورية».

أحد الأسباب في عمل دارمانان على إنهاء المجلس المذكور هو أن السلطات الفرنسية لم تستطع السيطرة عليه كليا، وأن بعض الاتحادات الإسلامية التي انضمت إليه كان لديها آراؤها الخاصة فيما يتعلق بشؤون المسلمين، كما أن السلطات الفرنسية، التي صارت أقرب في رؤيتها لأي نشاط سياسي يقوم به المسلمون إلى رؤية أنظمة عربية عتيدة في شؤون احتكار الدين، ورفض وجود نشاطات سياسية ذات طابع إسلامي باعتبارها «إسلاما سياسيا»!
لا يبدو أن الأمر يتعلّق بالسياسة فقط، بل بالعداء العنصريّ لكل ما يشير، بطريقة أو بأخرى، إلى المسلمين، كما حصل حين عبّر دارمانان، في أحد تصريحاته، عن ضيقه بوجود أقسام خاصة بالمنتجات الغذائية الحلال في المتاجر الفرنسية وأنه «منزعج من وجودها بشكل شخصي» و«المذهبية أو الطائفية تبدأ بهذا»!

المفكر والباحث الفرنسي المتخصص في القضايا الإسلامية، فرانسوا بورغا، لخّص هذه المسائل جميعها بالقول: «إن المسلم الطيب الوحيد ـ في نظر النخبة الفرنسية ـ هو ذلك الذي لم يعد مسلما»!

جديد الأخبار